في إحدي ليالي الحظر المنزلي ومع مرور الزمن وتشابه الوقت فالدقائق متطابقة والساعات متتابعة لحين حلول وقت إنتهاء فترة الحظر المنزلي من الساعة الثامنة مساءاً إلى الساعة السادسة من صباح اليوم التالي جلس الطبيب (معاذ) في وسط أهل بيته وكانت تلك الأسرة مكونة من الزوج الطبيب (معاذ) وهو يعمل بفرع الشركة الفرنسية (CORD-Core)، والزوجة هي السيدة (سعاد) دكتورة جامعية، ولديهم طفلان توائم وأسمائهم (كريم ، محمد) وكان في زيارتهم أخو الزوجة الكابتن طيار (محمود) وكانوا يجلسون يشاهدون الأخبار ويتابعون أخر الأخبار حول هذا الفيروس القاتل والشبح المخيف (COVID-19) لحين غلب النوم الطبيب (معاذ) أمام التلفاز.
وفي تلك اللحظة يرن جرس الهاتف الخاص بالطبيب (معاذ) فيرد عليه قائلاً من المتحدث فهذا الرقم ليس موجود ضمن سجل الأرقام المسجلة على هاتفي. فيأتي الرد ولكن بلغة عربية ركيكة وبلكنة أجنبية متأثرة باللغة الفرنسية نعم إنه أنا (فليب) مندوب الشركة الفرنسية (CORD -core) والتي فرعها بالقاهرة حيث تعمل سيادتكم.
وقد توجهت لمقر الشركة لمقابلة مديرة الفرع بالقاهرة ولكن كان الوقت قد قارب على بداية موعد الحظر المنزلي وعدم التجوال فقمت بالإتصال بها فأخبرتني أن أتواصل معكم لكونك نائب مدبر الشركة لتطوير العقاقير ولكونك أقرب المسئولين من مقر الشركة في السكن. حيث ان المسافة بين سيادتكم وبين موقع الشركة لا يزيد عن خمسة دقائق سيراً على الأقدام فهل وقتك يسمح لهذا اللقاء. فرحب (معاذ) بهذا اللقاء وأبلغه (فليب) أنه يبعد سيصل اليه خلال بضع دقائق من خلال تحديد موقع العنوان من خلال خدمة (gps) وطبقاً للعنوان الذي أبلغته به مديرة الفرع وحيث أن أحد العاملين بالشركة توجه معه ليساعده بالوصول للعنوان.
وبعد المكالمة يتوجه معاذ لزوجته لتحضير العشاء كعادة المصريين في إكرام الضيف ولكن تخبره زوجته أنه لا يوجد لديها شيء يصلح لهذا العشاء الخاص ولهذا الضيف خصيصاً، فلما لا تذهب للسوبر ماركت الموجود أسفل العمارة التي نسكن بها وتحضر ما يصلح لهذا العشاء الخاص، فتفهم الطبيب (معاذ) هذا الآمر، وأخذ المال اللازم وارتدي جاكيت جلدي لتجنب برودة الليل واتخذ الاحتياطات اللازمة من كمامة وقفازات طبية وفي ثواني معدودة كان قد فتح باب الشقة. ليعلن النزول بسرعة لإحضار الطعام اللازم لوجبة العشاء الخاص لهذا الضيف المهم. وعند استدعاء (معاذ) للمصعد لم يحضر وتأخر في الاستجابة؛ ولسرعة الرغبة في إنجاز المهمة نزل على أقدامه ومن خلال السلالم ولم ينتظر المصعد. والذي لم يحضر في الموعد المطلوب لكون الضيف الفرنسي كان قد سبق وطلبه ليصعد لشقة الطبيب بالدور السادس من ذات العقار.
وبعد خروج الضيف الفرنسي من المصعد توجه للشقة رقم (12) وضغط جرس الباب ذهبت زوجة الطبيب وهي سيدة مصرية رقيقة الملامح واسمها السيدة (سعاد) لتستدعي أخيها حتى يستقبل الضيف الأجنبي ويفتح له الباب وعند فتح الباب وجد أمامه الضيف الغريب وقد عرف نفسه باسم السيد (فليب) ، وهو شاب في منتصف الثلاثينات وله ملامح أوربية من شعر أصفر وعيون تميل للزرقة وقام بتعريف نفسه للكابتن (محمود) أخو الزوجة وتوضيح أن هناك موعد عمل مع الطبيب (معاذ) وذلك لمناقشة بعض أمور العمل وهنا رحب به الكابتن (محمود) ووجهه لغرفة الصالون لحين حضور الزوج من أسفل.
وفي تلك الأثناء جلسا يتبادلان الحوار لحين حضور الطبيب (معاذ) من أسفل وأخذ يرحب الكابتن (محمود) به وتبادلا الحديث أثناء شرب المشروب الدافئ ليدفع عنهم الإحساس ببرودة الجو حيث أن الكابتن طيار (محمود) قد تم إيقاظه لإستقبال الضيف عن طريق (اخته) زوجة الطبيب، وذلك لتصادف حضوره لزيارة أخته بعد فترة غياب طويلة وكان ينام بين أبناء أخته الذين يشتاقون لزيارته خلال فترة تواجده بمصر لكونه يعمل طيار مدني ودائماً هو في سفر ومن كل بلد يزورها يحضر لهم الهدايا.
وفي تلك الأثناء صعد (معاذ) ليستقبل الضيف وكانت المفاجئة هي مشاهدته لهذا الضيف والذي حضر وتم استقباله أثناء رحلته لجلب بعض الأطعمة للعشاء من السوبر ماركت أسفل العمارة، وكان يحمل ملامح أوربية واضحة، وهنا بدأ (معاذ) في توجيه كلمات تدل على الترحاب بالضيف وبلغة فرنسية متقنة، لكون الطبيب (معاذ) قد حصل على عدة دورات في اللغة الفرنسية وذلك نظراً لطبيعة منصبه وطبيعة الشركة فهي وكيل لشركة فرنسية، وهنا يقطع الضيف الحوار بكلمات مقتضبة وخافتة موجهة للسيد (معاذ) هل يمكن أن نتحدث على انفراد؟ وهنا يشعر الكابتن طيار (محمود) أنه من واجبه تركهم ليتحدثوا بحرية فطلب الإذن بمغادرة الجلسة حتى يتركهم ليتحدثوا بحرية وعلى إنفراد ويعود لغرفة الأبناء مرة أخرى.
0 التعليقات :
إرسال تعليق