كتب إياد رامي.
أعلن المشير خليفة حفتر إسقاط إتفاق الصخيرات«الإتفاق السياسي الليبي»، والذي شمل أطراف الصراع في ليبيا وتم توقيعه تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة بمدينة الصخيرات في المغرب بتاريخ 17 ديسمبر 2015، بإشراف المبعوث الأممي مارتن كوبلر لإنهاء الحرب الأهلية الليبية الثانية، والتي اندلعت بداية العام 2014، وقد بدأ العمل به من معظم القوى الموافقة عليه في 6 أبريل 2016، وبحسب قراءات لأوساط ليبية إعلامية، فإن سقوط «الصخيرات» يعني أن الأجسام السياسية المنبثقة عنه باتت خارج حسابات حفتر، ويعني ذلك «المجلس الرئاسي» و«المجلس الأعلى للدولة» و«مجلس النواب» وهذا قد يفضي إلى إعلان حفتر خلال الأيام المقبلة تشكيل كيانات موازية.
الجبهة مشتعلة ويصعب التكهن بما ستسفر عنه المواجهات
الموقف في ليبيا، إتخذ التدخل التركي في مجريات الأحداث شكلاً واضحاً وسافراَ منذ بداية هذا الشهر، بتقديم دعم قتالي لميليشيات حكومة الوفاق، والمرتزقة السوريين عن طريق الإسناد البحري المباشر من الفرقاطات التركية، السبب المباشر للضغط التركي هو ضربات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر التي أدت إلي خسارة قوات السراج كثير من المناطق جنوب العاصمة طرابلس علاوة علي سقوط مدن إستراتيجية مثل" سرت " شرق العاصمة الليبية ، ومدن في الساحل الغربي خسرتها، بعد فشل هجومها على قاعدة الوطية الجوية.
النجاح الميداني الوحيد في هذه الفترة لحكومة الوفاق، كان في محور العزيزية الذي تراجعت فيه قوات المشير حفتر إلى أن وصلت قوات حكومة الوفاق إلى مدينة غريان التي كانت مقر القيادة المتقدم لقوات خليفة حفتر.
الهدف التركي الثاني وهو الأهم، الإستيلاء بأي ثمن علي قاعدة الوطية في أقصي الغرب الليبي، قرب الحدود مع تونس لأهميتها الإستراتيجية وكونها نقطة الدعم الجوي الأساسية لقوات الجيش الليبي بقيادة المشير حفتر في معارك طرابلس.
رغم عنصر المفاجأة والمشاركة الكثيفة للطائرات التركية الهجومية المسيرة لم تتمكن القوات المهاجمة سوى من الوصول إلى نحو 7 كيلو متر شمالي القاعدة ثم بدأ تراجعها تحت ضربات الجيش الليبي، الذي أكمل تقدمه مكتسحاً كل مدينة تقع في طريقه حتي وصل إلي مسافة 55 كيلومتر فقط من معبر رأس جدير التونسي، ضاربا اتفاق الصخيرات عرض الحائط في انتهاك واضح للهدنة المقررة دوليا .
بات واضحا أثناء تلك المعارك عدم كفاءة عناصر الميليشيات في إستخدام العتاد التركي خاصة العربات المجنزرة والمدرعة، وبدت كذلك قدرة سلاح الجو الوطني الليبي على القيام بالقصف الجراحي بفعالية ممتازة بعد قيام مدفعية الجيش بتحييد منظومات الدفاع الجوي الواردة من تركيا، مثل منظومات (هوك) و(أورليكون) و(كوركوت).
هنا وجدت القيادة العسكرية التركية نفسها أمام وضع ميداني متدهور، يستلزم تدخل مباشر على الأرض خاصة بعد أن أصبحت عمليات نقل المرتزقة والأسلحة بحراً عن طريق سفن الشحن المدنية تواجه مخاطر كثيرة بعد تفعيل العملية البحرية (إيرينا) وقيام البحرية الفرنسية باعتراض أحدى سفن الشحن المشتبه بها، الخيار الوحيد أمام الجيش التركي كان في تطوير نوعية مشاركته العسكرية في ليبيا، لتصبح مباشرة بشكل أكبر وأكثر وضوحاً، وكانت البداية بتفعيل دور فرقاطات البحرية التركية على مراحل:-
المرحلة الأولى : كانت في شهر يناير الماضي حيث صاحبت فرقاطتين بحريتين تركيتين سفينة شحن مدنية ترفع العلم اللبناني، خلال نقلها لشحنة أسلحة وذخيرة إلى طرابلس في خرق واضح لمقررات مؤتمر برلين وإستغلال فاضح من جانب البحرية التركية لمشاركة فرقاطاتها في مهام مجموعة العمليات البحرية الثانية التابعة لحلف الناتو، والتي تعمل مقابل الساحل الليبي والتونسي.
المرحلة الثانية: هجوم قوات حكومة السراج بثلاثين سيارة عبر الطرق الصحرواية على الأطراف الجنوبية لقاعدة الوطية والقوات الخاصة التابعة للجيش الليبي تتصدي للهجوم، لتتغير الموازين مؤقتاً لصالح قوات حكومة السراج والتلميح إلى إنهاء معركة طرابلس قبل شهر رمضان الجاري، إذن ماهي الخيارات المفتوحة لتنفيذ ذلك ؟ يمكننا التكهن؟
1. هجوم بإتجاه قاعدة الوطية من الشمال والجنوب.
2. هجوم بإتجاه ترهونة من الشرق والغرب .
3.هجوم بإتجاه سرت .
هناك تغير في الوضع غرب ليبيا بشكل جذري خلال أيام قليلة، فقد تمكنت قوات حكومة السراج من إستعادة المناطق الساحلية من قبضة الجيش الليبي الحر ، وبذلك أصبح المعقل الرئيسي للجيش الليبي في المنطقة أي قاعدة الوطية الجوية خطر.
١- المشير خليفة حفتر قلل من إمكانيات عدوه ووسع إنتشار قواته أكثر من اللازم معتمداً علي التفوق الجوي كورقة رابحة، إلي أن تمكنت تركيا من مساعدة قوات السراج بإغلاق المجال الجوي، وتحييد نشاط طيران حفتر وحرمانه من هذه الميزة مما أضعف قدرات قواته القتالية بشكل حاد.
٢- بعد خسارته معركة مدن الساحل سيضطر حفتر مرغماً إلى العودة من حيث بدأ، أي من قاعدة الوطية الجوية.
٣- إذا ما خسر لا قدر الله هذا الموقع الإستراتيجي فلن يتمكن حفتر من تأمين الإمدادات لقواته في الغرب جواً ودعمها بضربات جوية وطائرات مسيرة .
أي سيؤدي ذلك إلى إنهاء خططه للسيطرة على الساحل وبالتالي سيكون هجوم جيشه على العاصمة طرابلس في خطر.
الملاحظة الأكثر وضوحا في هذه المرحلة أن غطاء الحماية الذي تتمتع به قاعدة الوطية قد إنتهى الآن فعلياً وأصبحت الحاجة ماسة لتعزيز القوات المتواجدة داخل القاعدة، وكذا حماية طريق إمدادها الوحيد الذي يقع جنوبها، كم أن مجرد محاولة المشير حفتر شن هجوم مضاد واسع في توقيت تقدم قوات السراج ستكون مقامرة غير مضمونة العواقب، لابد من التوقف لإلتقاط الأنفاس وتعويض الخسائر ورفع معنويات القوات ، والحصول علي سلاح نوعي يتصدي للطيران المسير الذي ساهم بشكل فعال في إنزال خسائر بقوات الجيش الليبي رغم إسقاط العشرات منها، لا ينبغي إغفال تطور خطير طرأ علي الموقف منذ الأمس ألا وهو :
ا- ظهور طائرات تركية من طراز F-16 في سماء ليبيا مما يزيد من الضغوط النفسية علي القوات علي الأرض.
ب- من يقف خلف السراج هي تركيا بتخطيط عسكري وغرفة غمليات وسلاح نوعي ومرتزقة بالآلاف خلاف الميليشيات الليبية.
ج- سلاح الجو التركي يقوم بتدريبات مكثفة بالتنسيق مع قطع الأسطول التركي
في البحر المتوسط منذ الصباح..
د- نشاط محموم لسلاح الجو التركي بإتجاه ليبيا يشمل طائرات مقاتلة وطائرات شحن عسكري وطائرات صهاريج لتزويد المقاتلات بالوقود وطائرات رصد وإستطلاع الجيش الليبي يرسل وحدات دفاع جوي روسية من طراز Pantsir-S1/SA-22 للدفاع عن قاعدة الوطية.
ه- تطور لافت منذ أوائل هذا الشهر حيث بدأت الفرقاطات العمل كمنصات للدفاع الجوي لإستهداف نشاط مقاتلات سلاح الجو الليبي.
إعلان المشير حفتر إسقاط إتفاق «الصخيرات»، وضع الدول العربية علي المحك إما أن تعترف بالتفويض الذي حصل عليه من الشعب، أو أن تقبل بسيطرة تركيا على ليبيا، السفارة الأمريكية في ليبيا وبعثة الأمم المتحدة يعلنون رفضهم ، معركة مريرة ومصيرية تجري في ليبيا ومثقفون وإعلاميون ليبيون يتابعونها وكأنها تجري على سطح القمر، حانت لحظة المواجهة الحقيقية بل والمصرية، إما أن ينتصر الجيش الليبي بقيادة المشير حفتر، أو البديل للأسف رفع العلم العثمانللي فوق ليبيا - لاقدر الله - تركيا تهدد هوية ليبيا العربية، سياسة التتريك والتغيير الديموجرافي تُهدّد مُدناً ليبية بأكملها،
حرب مصرية تركية فوق أرض ليبيا ، تتزايد الضغوط والتحديات ضد مصر في توقيت غير ملائم ستكشف مصر عن معدنها وقوة رد الفعل المحسوب مصر التي لايعرفونها تكشف وجهها الحقيقي وقت التحدي ورهاننا الدائم والعناصر الثابت قواتنا المسلحة المصرية الصامدة درع وسيف الأمة العربية والإسلامية.
بدون شك كلنا نتمني أن ينتصر الجيش الليبي وينجح في بسط سيطرته علي كل الأراضي الليبية، فينتهي ذلك الصداع المزمن لنا ويتلاشي خطر الجار علي حدودنا الغربية، إلا أن ثمت رياح غير مستحبة قادمة من الغرب في وقت نتأهب لرياح أكثر سخونة تتجمع لتأتينا من الجنوب قدر مصر الذي لا تملك منه فكاكاً، لكن نصر الله قريب.
0 التعليقات :
إرسال تعليق