المرآة (تأصيل) بقلم: الناقد سامي ناصف




مدخل للمجموعة القصصية والتي تحمل عنوان (المرآة) .. للكاتبة / حنان إسماعيل

 يكتبها الشاعر الناقد/ سامي ناصف


لقد أصبحت القصة القصيرة في الأدب العربي الحديث لا تهتم بالبداية التقليدية ؛ فهي تدفع القاريء إلى الانغماس في التيار المتدفق للتجربة التي تُحللها والتي يمكن للقاريء،أن يألفها تدريجيًّا ، من خلال الاستنتاج والربط بين الأشياء أثناء القراءة وتكون نهاية القصة غالبًا مفتوحة، أو غامضة، وتترك القاريء في شك مما سيؤول إليه مصير الحدث المُلتقط، أو تطرح للقاريء احتمالات لنهايات، يختار من بينها ما يتصوره.
 وهذا ما ستكشفه تلكم المجموعة القصصية للكاتبة (حنان إسماعيل) التي تدور في نسق وجداني كثيرًا، واجتماعي معقد تشتم من رائحته، خبرة الكاتبة، ومهارتها في التقاط الأشياء من خلال الرؤية العابرة لتقنص الحدث، وتحوله إلى حالة أدبية فنية داهشة، وتُصبغ أغلب أعمالها القصصية بأيدلوچية سلوكيات سردها اللغوي لتنزل الأحداث إلى الواقع مرة ثانية وترسم مسرحًا ممنطقًا للصراع عبر الزخم البشري وأخلاط الناس التي هي عنصر منه، أوتَنْدَس بين الأنماط البشرية، من خلال إطلاق آلة السمع لتستغلها في الرصد للحركة المجتمعية لتحولها عملًا فنيًّا ماتعًا وهذا دور الكاتب الماهر .
ويقول (فيلدنج ): إنه ينبغي على كاتب القصة أن تتوفر فيه الصفات الأربع التالية . العبقرية -الإنسانية - المعرفة -التجربة . ونرى تلكم العناصر مجتمعة في شخصية الكاتبة، التي تمتلك خبرة حياتية تؤهلها إلى أن تكون كاتبة ماهرة في هذا الفن.
ويرى (الماركيزي دي ساد) أن القصة ينبغي لها إيقاظ القاريء واستفزازه من أجل تشكيكة في أفكاره المسبقة، وسوف نرى أهمية الدور الذي قامت به الكاتبة (حنان إسماعيل) بعملية العصف الذهني الذي تحدثه عبر السرد والختم فوق توقع القاريء.
والكاتبة / حنان إسماعيل .. تعتمد على اللقطة الحياتية ،لا المشهد الطولي في مسرح الحياة، ومن الملاحظ أن الكاتبة لم تفصل نفسها عن الحدث رغم أنه ليس صادرًا عنها كما نرى في قصة(السحاقيتان) والأعمال التي على شاكلتها، ولكنها رصدت وناقشت وحللت واستعصى عليها التبرير، أو رفضت ذلك حتي لا تكون خطابية . في قصة (مشروع استثماري) يجذبك إلى المفهوم الدلالي الراسخ لتدهشنا بأمر آخر . (المرآة) عنوان المجموعة . وكأن العنوان دلالة رمزية تعكس كل ما يدور بخلجات النفس البشرية المشاهدة لها، والغير مشاهدة، أو ما يدور بنفسها هي . فهو عنوان رامز حمّال أوجه، عنوان مقصود. ..العمق ودوره في الفن القصصي.
لقد اهتمت الكاتبة / حنان إسماعيل برصد الشعور الداخلي والباطني وغير الواعي للإنسان، ولجأت إلى تصوير نشاط العقل الإنساني، وإلى تمثيل سياج الشعور الداخلي للشخصية، بدلا من تصوير العالم الخارجي؛ ومن هنا تقلص حجم الحدث ليسكن في أهم مبدأين لفن القصة القصيرة وهما: التكثيف، والتركيز من خلال سبر غور اللقطة، وتحاول الكاتبة تفجير طاقات الصراع بكل أنواعه، الداخلية والخارجية، لكل لقطة قامت برصدها وقنصها
لغة الكاتبة، تميل إلى لغة غزل البنات، كما كان يصف ذلك عميد الأدب العربي/ طه حسين. بعضا من كتاباته وكتابات من ينهجون نهجه، فلغة الكاتبة (حنان إسماعيل) تتميز بالسهولة والوضوح مع عمق التحليل المنطقي، والفلسفي لأيدلوجية الحدث
 هذه المجموعة القصصية منها ما يحمل، النتفة، والأقصوصة، والقصة القصيرة . فنحن أمام كاتبة تشق طريقها نحو الكتابة القصصية الفنية بطريقة حداثية تتناغم مع توجه النقد الحديث.
أترككم مع (المرآة) وما ستعكسه من إعجاب في نفوس الكثير. 

شاركه

عن الكاتبة الصحفية دعاء سنبل

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus