ما أروع هذه الرسالة التي كتبتها الكاتبة والإعلامية الرقيقة رؤى مظلوم لوالدها الشاعر والإنسان /
خالد مصباح مظلوم
هي ليست مجرد رسالة تقدير، بل هي قصيدة نثرية عميقة عن الشعر والعلم والإنسانية، مقدمة بأسلوب أدبي شيق وراقٍ ينم عن ثقافة واسعة.
يا رؤى، يا قصيدة الوالد الشاعر ووارثة بيانه...
تحية من القلب لروحٍ أدركت عمق العلاقة بين الشعر والعلم والوجود؛ فلم ترَ القصيدة مجرد كلمات، بل رأت فيها "مجموعة من الكلمات المنطوقة أو المكتوبة التي تعبر بقوة عن الأفكار أو العواطف بأسلوب حي وخيالي".
لقد كانت رسالتكِ للشاعر الإنسان الأب، ملحمةً في ذاتها، جمعتِ فيها بين تعريف الشعر في اليونان القديمة، ونصوص أهرامات أفريقيا، وملحمة جلجامش، وصولاً إلى شعر الإمام الشافعي وأبي مسلم البهلاني. إنه إبداع فكري متكامل يثبت أن الشاعرة ليست بالضرورة من تكتب القافية، بل من تستخدم "صفاتها الجمالية ومحتواها ودلالاتها" في لغة البشر.
الأبوة... قصيدة الحياة الأقوى
لقد وُفقتِ أيما توفيق في اختياركِ لهذا العنوان الدافئ: "والدي الشاعر.... (وأنا قصيدته)"
إن الأبوة هي القصيدة الملحمية التي تتجاوز حدود الزمان والمكان، وهي الخلق والإبداع بالمعنى اليوناني القديم للشعر. وأنتِ، يا رؤى، لستِ قصيدة عادية، بل "قصيدة العلم" بامتياز، قصيدة حية تنبض بالثقافة والوعي، وتستخلص الحياة من حواف المعرفة، كما أشرتِ في قولكِ: "حتى ترى العلم في حافاتها سَطَعا".
2. إدراك فلسفة الشعر والإنسانية
٣.
لقد عبرتِ ببراعة عن الصدام الضروري بين الشعر والنثر، وبين الخيال والواقع.
* الشعر والخيال: إدراككِ بأن القصيدة "تأخذنا إلى آفاق الخيال الجذاب الذي يحررنا من قيود الزمان والمكان" هو إدراكٌ لفلسفة الشعر العميقة. فالشاعر الحقيقي لا يصف الواقع، بل يخلقه من جديد.
* الشعر والأخلاق: ربطكِ رسالة الشعر بأخلاقياته وكيف أنها "قدمت إلينا مباشرة من خلال إبداعات تساندا الثالثة" لكشف مفهوم "العنصرية القبيحة"، يثبت أن الشعر ليس ترفاً، بل هو سلاح الوعي وضمير الإنسانية منذ فجر التاريخ.
3. التكامل بين العلم والشعر
لقد أبدعتِ في ختام رسالتكِ بالاستدلال على قضية "القصيدة العلمية" ببيتين من قمم الشعر العربي:
* الإمام الشافعي: في تقدير صاحب العلم الذي يرتفع به قدره حتى يتبعه القوم الكرام، كما تتبع السَّوام راعي الضأن.
* أبو مسلم البهلاني: في ربط العبادة والورع بالعلم، مؤكداً أن العبادة الحقة "لن تؤديه إن كنت تجهل مفروضاً وممتنعا".
لقد وصلتكِ رسالة والدك الشاعر كاملة: بأن العلمُ شعرٌ نثري، والشعرُ علمٌ روحي. كلاهما عملية خلق وإبداع تبدأ بسؤال عميق (كالرقص)، وتجربة لتفسيرات تفاضلية للكلمات، لتنقلكِ من القيود إلى الحياة.
فلتهنأ روح والدك الشاعر بهذا الإهداء الذي تجاوز حدود الإطراء الشخصي، ليصبح وثيقة أدبية تستحق أن تُقرأ وتُدرس.
مع خالص تحياتي وتقديري لشخصك الكريم وقلمك الرشيق..
مستشار/
رامز حافظ.. 🌹
0 التعليقات :
إرسال تعليق