( يوسفيات 30 ) للشاعر واثق الجلبي و رؤية جديدة



 الناقد / جبو بهنام بابا… 
 إن الشاعر المبدع يخلق جو الكلمة الشاعرية ومناخاتها. حيث تترك الأثر الأدبي في المنتوج الشعري الذي منه تنتج الصورة النهائية بكل ما هو موجود من رؤى دراماتيكية وآفاق فنتازية للتعبير عن الصورة الوصفية المراد رسمها في أنموذجه الشعري. فالحاجة إلى الجملة الشعرية هي مقياس إرتقاء الشاعر في رسم معالم القصيدة ودلالاتها المعنوية والنسقية، لتحليل مسموع ومتذوق تؤطره الحواس ويبنيه التأمل الخيالي. إن أسلوب الشاعر يتميز بالأصالة واختيار المفردة المسجوعة لاكتمال معاني النص وهو اسلوب رخيم لم يزل يستخدم إلى الآن في النصوص مفتوحة القافية.
( عجبٌ عليك وأنتَ في كل اقتبالك كنتَ حسرة
ورقٌ يداك وانها ذاقتْ رماد القلب جمرة )
استطاع الشاعر في وصفه أن يصنع فكرة ممزوجة في المعنى الإيحائي لذك الخد الأحمر كناية عن الخمرة في مخيلة عميقة وكأنها جزء من الماء يروي عطشه. إنها تلك المدينة الجميلة المغندجة التي تسحره بجمالها الخلاب. ووقدها الذي يتلظى وكأنه يغلي في مجمر حراري من شدة حبه لها.
(خمرٌ تُصبُ شفاههُ فوق الصدور المستقرة
بغدادُ أنت بحسُنها في الدّلِ والإغناج بصرة ) 
حيث يترك بصمة لها ذكرى في مخيلته الزمكانية وملتصق بصحوتها، جمالها عابر للقارات وبهاؤها يستمر إلى آخر مجرة. تتناثر فيه الأحاسيس والرؤى. إنها تاج المدن ورمز الحضارات وتاريخ عنفوانها.
(أنا كلما أوقدتها بلظى المشاعر مُستمرة
وحفرتُ فيك شواخصا في كل أرجاء المجّرة
فأهيم سَكبَ رحيقنا وأموتُ فيك وأنت مُهرة )
يتميز أسلوب الشاعر بجزالة المفردة وتنوع الصورة الشعرية رغم أن الفكرة لم تكن واضحة تماما للقارئ ربما اتخذ الشاعر ذلك الاسلوب ليفتح باب التأويل والخيال لدى القارئ كي يرسم الصور التي يراها ويتمناها وفق رؤيته الخاصة. 
(ما أطيبَ الشهد الذي نثر تْ شفاهك منه غمره
لا خيلَ لا ليلا بقى لا سيفَ إلا ما أسّره )
ورغم إختيار الشاعر الموضوع الاكثر شيوعاً للتعبير عن ذاتية الشعور وحميميته ، إلاّ أنه كان موفقاً في إيصال شعور الحب والهيام والشوق.
(قالتْ وصالك هدّني كم مرةً فأجبتُ عشرة
المجدُ لله العليّ وعليك سيدتي المسّرة )
واثق الجلبي شاعر وقاص وروائي يتميز بالشعر الجمالي والفني وتألقه بيوسفاياته بمقدرة شعرية فائقة التصوّر. فهو متجدد في الإبداع بكل مهارة وحذق. يؤطّر نتاجه بحالة شعرية متميزة ، في صياغة طبيعية لبناء القصيدة بوصف نقي لا شائبة فيه. ذوق راقي أيها المبدع.

القصيدة
يوسفيات 30
واثق الجلبي
ظمأ وفيك البئرُ قطرة حتى نشفتَ فصرتُ إبرة
وتجرُ خيبة ناكثٍ لمُخالفٍ أعطاك أمره
ضيعّتَ وجهك في التراب وما نهتك الأمس عبرة
حتى بكيتَ وانت لم تذق اقتدار الصبر مرة
عجبٌ عليك وأنتَ في كل اقتبالك كنتَ حسرة
ورقٌ يداك وانها ذاقتْ رماد القلب جمرة
خمرٌ تُصبُ شفاههُ فوق الصدور المستقرة
بغدادُ أنت بحسُنها في الدّلِ والإغناج بصرة
أنا كلما أوقدتها بلظى المشاعر مُستمرة
وحفرتُ فيك شواخصا في كل أرجاء المجّرة
فأهيم سَكبَ رحيقنا وأموتُ فيك وأنت مُهرة
ما أطيبَ الشهد الذي نثر تْ شفاهك منه غمره
لا خيلَ لا ليلا بقى لا سيفَ إلا ما أسّره
قالتْ وصالك هدّني كم مرةً فأجبتُ عشرة
المجدُ لله العليّ وعليك سيدتي المسّرة
شاركه

عن Mizoohanaa

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus