فحرمنا من الحياة مثل غيرنا من البشر· ومهنة التسوّل كلها بهدلة، لأن أيام الخير ولّت، والأغنياء لا شفقة لديهم ولا رحمة· المطلوب الحد من هذه الظاهرة والوقوف على أسبابها ومعالجتها بالشكل الصحيح والسليم، عن طريق التوجه إلى الجهات المعنية والمسؤولة والمختصة من مؤسسات وجمعيات وهيئات خيرية بما يثبت احتياجاتهم، حيث يحصلون على المساعدة ونمد إليهم يد العون، وهذا أفضل بكثير مما يحصلون عليه من الناس في الشوارع· هل هو قدر الفقير المصري أن يتحول إلى متسول مستتر؟ التسول ظاهرة قبيحة تُسيء إلى سمعة المجتمع، وتُعكر صفوه وتُشوه صورته، وتجعل المتسول يظهر بصورة المحتاج والذليل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُذلّ المؤمن نفسه، قال صل الله عليه وسلم: (لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ) أخرجه الترمذي.
وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه المهنة ونفّر منها؛ لأن صاحبها يفقد كرامته في الدنيا ويسيء إلى آخرته؛ لما روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ).
وحرص الإسلام على حفظ كرامة الإنسان، وصون نفسه عن الابتذال والتعرض للإهانة والوقوف بمواقف الذل والهوان، فحذّر من التعرض للتسول الذي يتنافى مع الكرامة الإنسانية التي خصها الله تعالى للإنسان، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم) .
وكذلك حرّم الإسلام المسألة على كل مَن يملك ما يُغنيه عنها من مال أو قدرة على التكسب، سواء كان ما يسأله زكاة أو تطوعاً أو كفارة، ولا يحل للمتسول أخذه، قال الشبراملسي: "لو أظهر الفاقة وظنه الدافع متصفاً بها لم يملك ما أخذه؛ لأنه قبضه من غير رضا صاحبه، إذ لم يسمح له إلا على ظن الفاقة"، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ) رواه مسلم، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) رواه الترمذي.
فالمحترف لهذه المهنة القبيحة يأكل أموال الناس بالباطل، ويُطعم أبناءه سُحتاً، أي: مالاً حراماً.
ومما يسيء إلى صورة بلدنا المباركة التي اعزها الله فوق السبع سموات، أن نرى أطفالاً صغاراً ونساءً أُرسلوا من قبل أوليائهم إلى إشارات المرور وإلى أبواب دور العبادات، وعاشوا في الشوارع حفاة، وبلباس مبتذل، يظهرون العوز والفقر والكآبة ليستدروا عواطف الناس، وأنهم ما أخرجهم من بيوتهم إلى الجوع.
وقد عالج الإسلام هذه الظاهرة المسيئة بتحريم التسول، والحض على العمل والإنتاج، وجعل أفضل ما يأكل الرجل من كسب يده؛ لقول صلى الله عليه وسلم: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) رواه البخاري .
وأما من كان في ضيق وكربة؛ فعليه مراجعة الجهات المعنية والجمعيات الأهلية المتنشرة في جميع أنحاءالجمهورية يجب عليها ان تفعل دورها في المجتمع المدني ومناقشة وطرح حلول لكل الظواهر الطارئة على مجتمعنا المصري، وهي كثيرة في بلدنا ولله الحمد، فالمتسول يأخذ أموال الناس بغير حق وسيسأل عنها أمام الله عز وجل، وقد اعتبر القانون المصري التسول بغير سبب م جريمة يستحق صاحبها العقاب عليها ولكن مع الاسف تلك القوانين لا تفعل ولا يتم تطبقها بدليل تفشي الظاهرة وتعدد اساليبها واستغلال الكبار والصغار في التسول؛ وأكل لأموال الناس بالباطل، ووسيلة من وسائل التحايل على الناس،
وهناك حلول للحد ظاهرة التسول في منظوري المتواضع
اولها الوعي الدنيي والخطاب الدنيي عن كرامة الانسان وحفظ ماء وجه،والحس على العمل والكد والتعب من أجل الحصول على لقمة العيش
دور الدرما وترسيخ اهمية العمل والتحقير من دور المتسول واظهارة بصورة ينفر منها المجتمع ويقلل من شأنه
دور الإعلام في دعم البرامج التي تعلم الحرف البسيطة وخلق فرص عمل وتسليط الضوء على الكادحين وتعزيز دور الشخصيات التي لديها عزة نفس وتستعفف في مد يدها رغم الحوجة والفقر
وابرازها.
هناك العديد الحلول للحد من تلك الظاهرة ، وتتمثل فى التشجيع على العمل فى وسائل الأعلام وخلق فرص عمل جديدة بمرتبات مجزية، وتطبيق العدالة الاجتماعية بشكلها الصحيح والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع وخلق توازن فى مستوى المعيشة بين أقراد المجتمع، ولنا في رسول الله قدوه
وأختم مقالي معكم بحديث عن أم المؤمنين
عائشة رضي الله عنها، حيث قالت لابن أختها عروة بن الزبير رضي الله عنهما: (إنْ كنا لننظرُ إلى الهلالِ، ثمّ الهلالِ، ثلاثة أهِلَّةٍ في شهرينِ، وما أوقِدَتْ في أبْياتِ رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- نارٌ، فقال: يا خَالَةُ، ما كان يُعِيشُكم؟ فقالت: الأسودانِ؛ التمرُ والماءُ).
0 التعليقات :
إرسال تعليق