بين رفاهية المسحة.. ...وشهادة الكوليرا.. بقلم / شريف محمد


 

(...بين رفاهية المسحة..

...وشهادة الكوليرا...)

في أربعينيات القرن الماضي عندما ضرب وباء الكوليرا القُطر المصري، حاصداً الأرواح، تاركاً الآلم تعتصر القلوب،  صار الناجون أصحاب هاماتٍ عالية، خاصةً أولئك الذين تمكنوا من توثيق نجاتهم من الموت  بشهادة تطعيم ضد الكوليرا، إثباتاً للصحة ويُسر الحال.

كل هذا مرّ سريعاً بمُخيلتي ، بينما أنتظر نتيجة فحص الدم لمعرفة إصابتي بالكورونا من عدمها، وإذا جاءت النتيجة بالسلب ، فهل إلى ذلك من شهادة؟!!، أم هل أصبتُ بالفعل الآن خلال مدة الانتظار؟!، فالزحام شديد، و دهاليز مستشفى التأمين الصحي قد ملأها المرضى، هذا والندم يعتصر ما تبقى لي من عقل، أنا من تهاون في إرتداء كمامته، أنا من هرول لاحتضان صديق بعد طول حظر...

وبين طعنات الندم، وضربات التذكّر للكوليرا وشهاداتها، جاءت النتيجة : الحمد لله ، لاخلل في التحليل يُشير إلى أثر الكورونا، فباغتُ الممرضة: وأين الشهادة؟...فأجابت وقد خالط ذهولها العصبية: لا نمنح شهادات، فأجاب أحد الواقفين (..والمسحة).، فكان الرد (الحميات.. المسحات هنا خلصت).

وهنا التقطت الكلمة وأسرعت باحثاً في ذاكرة محمولي عن طريقٍ للمسحة في الحُميات ، وبعد مجهود  مُضنٍ، وجدتُ نفسي بين دفتي باب إحدى مستشفيات الحُميات متشحاً بالأمل في إتاحة  المسحة لي  ،  والتي ستُتيح لي بشيءٍ من اليقين التأكُد بأنني لم أُصاب بعد بفيرس الكورونا، وأنني قد أتحصّل على شهادة مثل تلك التى تحصّل عليها وجهاء أربعينيات القرن الماضي... فقد يأتي اليوم الذي يفتخر فيه الأحفاد بأن جدهم ، رغم كل شيء كان من العابرين من الكورونا.


شاركه

عن احمدعبدالكريم

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus