الصعايدة ، جزءاً جوهرياً من مكونات نسيج الشعب المصري



بقلم / ابراهيم الدهش،

بحثت كثيراً لمقدمة  أو مدخلاً يجذب المتلقي أو القارئ الكريم لمقالي هذا الذي أتحدث و أصف حال إخوتنا الصعايدة وما يمتازوا به من خصال نبيلة ومواقف الكبار تجاههم وموقفهم من التاريخ .. إضافة إلى رأي المادح والقادح و الإعلام تجاههم ، فخير ما اخترت هو ما أشاد به الرئيس عبد الفتاح السيسي في أحد اللقاءات المهمة  في حق الصعايدة قائلاً ..
إخوتنا الصعايدة هم جزءاً جوهريا من مكونات نسيج الشعب المصري حقاً وصدقاً ، ومن هذا الوصف والمكانة نستطيع أن نعطي المكانة المرموقة والمنزلة العظيمة لهؤلاء الكبار .  . ولم أكتف بحديث القائد السيسي وإنما هناك من العظماء ، أنجبتهم رمال أرض الصعيد ومن الذين تعفرت جباههم بتراب تلك الأرض الطاهرة ، ومن هذا المنطلق فلابد لنا من معرفة خريطة التركيبة السكانية ومعرفتها ضرورية ، فهناك ثقافات متعددة تختلف من قرية إلى قرية ضمن مدينة واحدة تابعة لنفس المحافظة ، فنجد اختلافا ما بين القرية والمجاورة لها في جزء من اللهجة والعادات والتقاليد، وهي ثقافات متجذرة، وعبقريتها في تنوعها، مع احترام كامل لهذا الاختلاف فيما بين أبناء القرىة، وأيضا العائلات والقبائل ، وهذا التباين ولّد لنا آراء متعددة تجاههم ..
هذا ما شاهدناه عبر التلفاز و دور السينما ومحطات الإذاعة وشبكات التواصل الاجتماعي ، ولم تكن هذه مشكلة الصعايدة بل وللأسف الشديد هناك ما يعانيه وبنفس الموقف عشائر وقبائل جنوب العراق من قبل رجال الإعلام والصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما من خلال الاستهزاء و رسم الصورة المشوهة التي لا ترتقي باسم وتاريخ وعنوان هذه المناطق وما قدموه من تضحيات ومواقف ، رغم أن منبعهم دخلاء الإعلام والصحافة والفن من تلك العشيرة أو القبيلة ومن أبناء الجنوب ، فلو تتبعنا مجرات الأحداث في دولة مصر الشقيقة نجد الجهل المفرط فيما رسم كتاب السينما والإذاعة والإعلاميين عبر نشاطهم الفني والإعلامي .  فمنذ بداية القرن الماضي رسموا صورة ذهنية غير واقعية عن المجتمع الصعيدي ، الثري والمتنوع ثقافيا واجتماعيا حيث اعتبرت المواطن الصعيدي من الجيزة وحتى أسوان نسيج واحد ثقافي ولهجة وعادات وتقاليد، فظهرت الصورة مشوهة، و وقحة ، قائمة على التسخيف والتسفيه وتدشين النكات المهينة لصعيد مصر . وتناسوا شجاعتهم وقوتهم ومواقفهم النبيلة والمشرفة وتناسوا  أنهم أصحاب كلمة ولن يتراجعوا عن حقهم أو يتجاوزوا على حقوق الآخرين ولم يكذبوا قط .. وأصحاب نخوة وشهامة و رجولة بمعنى الكلمة .. ورغم هذا وذاك فإن الصعايدة الذين يقطنون في مصر أي العاصمة أو من لم يغادروا أصالتهم ومنبعهم فإنهم يتعاملون مع هؤلاء من الدخلاء على السينما بعطف واستهزاء فكلما تحدثوا عنهم ازدادوا رقياً ومنزلة آخذين بعين الاعتبار .. الشجرة المثمرة التي ترمى بالحجر  ..
.. إن تاريخ مصر وكما يعلم الجميع فإنه انطلق من الصعيد، وأن حضارات ما قبل التاريخ وعن أول وجود للمصريين على أرض الكنانة كان فى الصعيد، وتحديدا فى نقادة ، والفيوم بقنا ، والبدارى فى أسيوط ، وعندما توصل المصري للكتابة، وبدأت العصور التاريخية، وتدشين الأسرة الملكية الأولى، ظهر الملك مينا، واستطاعوا توحيد مصر ، واستمرت مصر قوية ومزدهرة طوال الدولة القديمة، حتى عاد الانهيار فى عصر الانتقال الأول، ولم تخرج البلاد من تلك الفترة المظلمة التي استمرت عشرات السنين، إلا على يد منتوحتب الثاني، الذى أعاد توحيد البلاد من جديد، منطلقا من قنا، ثم انهارت مصر، ودخلت فى عصر ظلام جديد، واستمرت فى فوضى عشرات السنين، فجاء أحمس، منطلقا من طيبة (الأقصر ) حاليا، ليقود ثورة طرد الهكسوس، أسوأ محتل لمصر عبر تاريخها، واستطاع طردهم وتحرير البلاد، وتوحيدها بكل قوة ، مؤسس الدولة الحديثة، والتى أصبحت مصر فى عهدها إمبراطورية كبرى ، والتاريخ يطول في الحديث عن عمق تاريخهم المشرف ليس فقط لمصر وإنما العالم العربي
إذن الصعايدة أصحاب تاريخ مشرف فهم قادة كل حركات التحرر فى مصر، ومثال حي وصارخ للوطنية والنضال الحقيقى ضد الاستعمار، ويقدمون فلذات أكبادهم، لتأدية الخدمة العسكرية ويقفون فى مقدمة الصفوف للذود عن الأرض والعرض، وقطع يد كل من تسول له نفسه الاعتداء على حفنة من تراب مصر، وعندما يعود أبناؤهم ملفوفين فى كفن ( علم مصر ) يظهرون من الصبر والرضا، والقناعة أنهم قدموا شهداء ورجالا، ما لم يظهره غيرهم من الأسياد!! ولم نكتفي بهذا القدر من الحديث عن هؤلاء الكبار بل كان من الأدباء والمفكرين والعسكريين والسياسيين والاقتصاديين العظام، من الصعيد والوجه البحري، فالأبنودي والعقاد و طه حسين وأمل دنقل وغيرهم ، ومعظم الضباط الأحرار بقيادتهم جمال عبدالناصر، وغيرهم من المفكرين والعباقرة في مختلف المجالات، والتى يحتاج حصرهم إلى مجلدات، جميعهم من الصعيد!!
الصعايدة رجال، لا يهزهم ريح، ولا ينال منهم صعاليك الشهرة وكتاب التسفيه و التسخيف و دخلاء الإعلام و مروجي الفتن الذين اتخذوا الدهاليز المظلمة موطناً لهم .
فهم الترسانة الصلدة والسد المنيع لمصر وللأمة العربية بشهامتهم و رجولتهم  وشجاعتهم والمنهج الذي خطه الآباء والأجداد من صعيد مصر وتبقى صفات التاريخ تتشرف بكل موقف من مواقفهم البطولية يدون فيه عن مآثر الشجعان من أبناء الصعيد

شاركه

عن احمدعبدالكريم

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus