مَثّل من الأمثلة الشعبية المتداولة بين الناس وخاصة في الأوساط الشعبية ، مستنبط من الواقع أسوة ببقية الأمثال الشعبية الأخرى التي تحاكي ظرف و زمان معين .. واغلب هذه الأمثلة الشعبية لها حكاية و موقفا وعنوانا يستذكر فيه عنوان ذلك المثل الشعبي عندما يكون هناك موقف آخر مشابه تماما في تفاصيل حدث المثل الشعبي ، عل و عسى يؤخذ منه الحكمة و الموعظة ولكن للاسف الشديد ، يتم يتدوال المَثّل الشعبي بعد قوع الحدث .. ويصبح تفاصيل الموقف موضعا للسخرية والاستهزا بمسببه ، رغم عدم الألمام بخلفيات صاحب الشأن ، فكان على سبيل المثال ( المايلوح العنكَود يكَول حامض ) او ( ال يدري يدري والمايدري كَضبة عدس )..
وهكذا . اما (( المايّعرف تدابيره حنطته تاكل شعريه )). والحديث عن سبب ما قيل ..
في فترة من الزمن ، وفي مدينة بغداد تحديدا ، كان هناك رجلا من تجار الحبوب وكان مولعا بتربية الخيل وأقتنائها وكذلك يعتبرها مصدرا مهما للتجارة وخاصة في البيع والشراء .. وفي احد سفراته واثناء التجوال بين المدن شاهد عن طريق الصدفة احد الخيول العربية الاصيلة حينها بذل الغالي والنفيس لشرائها . اما مهنته الحقيقة هي تجارة الحنطة والشعير ، حيث كان كل سنة يشد العزم و الرحيل الى المدن المجاورة الى بغداد لكي يتاجر بالحنطة و الشعير ، فيبيعها ويربح منها الشيء الكثير ، ويعود إلى بغداد مدينته الأم وهو سالما غانما ..
وفي سنة من السنين ، أخذ هذا الرجل كعادته كمية كبيرة من الحنطة والشعير ، وسافر بها إلى مدينة الموصل الحدباء احد المدن الشمالية المهمة والمكتظة بالسكان والتجارة فيها رابحة لكثرة المتبضعين اضافة الى تواجد اغلب التجار في فترات البيع والشراء . فوجد سوق الحبوب فيها كاسدة ، فباع الحنطة بثمن بخس . وأخذ المال وذهب إلى أحد الخانات ليقضي فيه ليلته ، فرأى في الخان رجلا من تجار الخيول وكان لديه معرفة مسبقة بهذا التاجر وخاصة في مجال تجارة الخيول العربية الاصيلة .. وأثناء الحديث مع صديقه
لفت انتباهه الحصان الأصيل الذي كان مع الموصلي ، فساومه على الثمن حتى اتفق على شراء الحصان بمبلغ ما يعادل ثمن الحنطة التي باعها في صباح ذلك اليوم ، وذلك من شدة اعجابه وتعلقه بالحصان .
وبقي الرجل ينتظر بيع الشعير ليعود إلى مدينته. ولكن كانت المفاجئة واذا بسوق الشعير أصابه من الكساد ما أصاب سوق الحنطة ، فانخفض سعره إلى النصف ، أو الثلث عمّا كان يتوقّع أن يبيعه . فبقي الرجل ينتظر تحسن حالة السوق ، وهو خالي الوفاض من المال . مما أضطر أن يقدّم لحصانه بعض الشعير كل يوم ليتقوّت به . واستمر الحال هكذا أياما طويلة ، حتى قضم الحصان كل ما كان مع الرجل من الشعير . ويقال ايضا إن هناك سيحة كهرمانة غالية الثمن كانت في حوزة البغدادي ، مما اضطر لبيعها بعد قرار رجوعه إلى بغداد خائبا ، مفلساً ، حيراناً ، أسفاً . لا من الحصان العربي الاصيل
ولا من ثمن الحنطة والشعير !!
وتناقل الكثيرون من الناس قصّته لما فيها من عظات وعبر
ومن سوء التخطيط والتدبير وعدم استخدام العقل في إدارة ابسط الامور
ولا حتى الاستعانة من الامناء المخلصين الذين من حوله .. فضاع الخيط و العصور وخسر كل شيء .. لأن
المايعرف تدابيره حنطنته تاكل شعيره
0 التعليقات :
إرسال تعليق