ما أشبه الليلة بالبارحة!!
"عمار بن ياسر" الصحابي الجليل، وأحد السابقين الأولين في الإسلام يعذب هو ووالداه، يقتل أبوه وتقتل أمه تباعا بدم بارد أمام عينيه، ورسول الله يمر بهم حينا بعد حين، يشد من أزرهم، يعينهم بزاد التقوى وخبيئة الإيمان...
هي لاشك أعظم الغنم ووافر النيل للمرء دنيا وآخرة، يواسيهم بجمل بسيطة كلماتها، عظيمة معانيها؛ يقول :(صبرا آل عمار، صبرا آل ياسر؛ فإن موعدكم الجنة)؛ آه يا قلبي كم لك من رجفة، آه يا صدري كم لك من ردفة، ما أسكنها من كلمات!!
أمان لا يزول، وعد نافع، وحكم قاطع، (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) ، تمر الأيام وينالون من فيه عمار يتقايأ سبابا لرسول الهدي؛ تخور قواه تحت وطأة الآلام فيعطيهم ما أرادوا؛ كرها لا طوعا، واضطرارا لا اختيارا...
ثم ما يلبث أن يدرك عاقبة ما تلفظت به شفاهه، يهرول إلى نبي الرحمة عساه أن يشفع له عند ربه، فيهدئ من روعه قائلا :(ألا إن عادوا فعد)، وينزل بيان القرآن للنفوس مؤنسا، وللصدور شافيا، وللهموم مجليا ؛حيث يقول سبحانه في أمر عمار (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)...
حقا!! بعد العسر يسر، وبعد الشدة فرج، وبعد المحن منح، وبعد الضيق سعة، متى ما اطلع الله على قلوب خلقه فعلم ما فيها من خير، ومتى ما أرت الأناسي الله منها خيرا، فإن النصر سيمسي وشيكا، (ألا نصر الله قريب)...
(ومن أصدق من الله قيلا، ومن أصدق من الله حديثا)، (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا)، وكان - صلى الله عليه وسلم- يقول دائما وهو الصادق المصدوق :"لن يغلب عسر واحد يسرين"...
اهدأ فؤادا يا صغيري، ارتح بالا، واطمئن خاطرا، اسكن جنانا، واركن إلى ربك محتسبا، وكن جلدا على البلاء صابرا، هنا أب حانٍ، وأم كانت ولا تزال شاكرة، أخ رؤوف عطوف، وأخت بريئة حالمة، ساءت حالهم، وفي الأسرة نوموا هناك دوني البارحة...
من لي غيرك يا الله يقيلني تلك العاثرة؟!!، أخشى الوداع للأحبة ضحى أو هاجرة، ارحم غرا، غضا، طريا؛ طواه الزمان فصار مقوس الضلوع، محني الفروع، مرمي الفواجع، لا تسوءني فيهم يا إلهي، رباه أرجو المعذرة، طامع في رحمتك، راجي المغفرة...
اهدأ يا صغيري، لن أسوءك فيهم، فرحمتي وسعت كل شيء في الوجود، وإني لغفار رحيم بالخلائق الضعاف كذا للجبابرة قاهرا، وللطغاة لا أزال قاصما، ستعبر الزمن البئيس بلمح البصر أو كالومضة الخاطفة، سترى النور، وتحيا بالسرور مع الأحبة الكرام الأوفياء...
0 التعليقات :
إرسال تعليق