وفي أثناء الحوار الخافت يقول السيد (فليب) أعتذر في بداية الأمر لكوني قد حضرت بشكل مفاجئ ولكن كان هذا اللقاء كان مقرر له أن يكون بمقر الشركة وبحضورك مع السيدة مديرة فرع الشركة بالقاهرة ونظراً لسرية المعلومات التي أحملها وضرورة سرعة التعامل معها فكان الاتصال بيني وبين مديرة الفرع بالقاهرة أن أحضر إليك وأتناقش معك ولكون الشركة مغلقة لظروف الحظر فقد تواصلت معك هاتفياً لتحديد هذا اللقاء. ولكن سيدي أرجوا أن يظل حديثنا موضع السر لخطورته. وهنا يقول (معاذ) ما هذا الأمر العاجل الذي لا ينتظر للغد؟ وما مدي خطورته التي تستوجب السرية؟
وهنا تأتي الاجابة على غير المتوقع من السيد (فليب) سيادة الطبيب المحترم ما ستسمعه مني هو علي أعلي قدر من السرية حيث أن الشركة الأم قد طورت علاج فعال للقضاء على هذا الفيروس القاتل (COVID-19) ولخطورة نقل تلك العينة فقد تم زراعة هذا العلاج في بلازما الدم الخاصة بي وأمامنا حوالي (٦) ست ساعات تفصلنا عن القيام بمهمتنا العاجلة في الحصول على العلاج الفعال من بلازما الدم الخاصة بي. حيث أني كنت مصاب بهذا الفيروس وتم علاجي بهذا العقار التجريبي ولسرعة انتاج هذا العقار بفرعنا في القاهرة كان لابد من حضوري الآن.
وهنا يظهر السؤال للطبيب (معاذ) ولماذا مصر بالتحديد؟ وتأتي الاجابة سريعاً من السيد (فليب) نعم مصر دولة صديقة وتربطنا بها علاقات اقتصادية وروابط تاريخية فهي أقدم شريك في الشرق الأوسط وبها أكبر سوق ومنها يمكن أن تنطلق حملة التجارة والتسويق لهذا العقار في البلاد المحيطة وذلك لما تتميز به مصر من موقع متوسط دول العالم وهي دولة ذات منافذ برية وبحرية عديدة مما ييسر من عملية توزيع كميات كبيرة من هذا العقار مما يحقق مكاسب مالية كبيرة للشركة الأم والشركة الفرع التي مقرها بالقاهرة.
وهنا تتصاعد الأفكار لدي (معاذ) ويتغلب عليه شغف البحث العلمي لكونه عالم متميز وطبيب متخصص في دراسة أمراض الدم وقد قام باستخلاص البلازما من الأجسام المتعافية لصنع عقاقير لبعض الأمراض وله خبرة في هذا الشأن وفي تلك اللحظة تنادي الزوجة السيدة (سعاد) على زوجها وتخبره بأن العشاء قد تم إعداده وهنا يطلب (معاذ) من السيد (فليب) أن يتناول وجبة العشاء معه في غرفة السفرة. وبعد تمام العشاء يتوجهان لتناول مشروب دافئ ولكن تأتي الفكرة للطبيب (معاذ) ماذا لو قام أخذ هذا الضيف وتوجها لمعمل التجارب الخاص به في مقر الشركة بجوار مقر سكنه وقد استشار الضيف فوافق.
وهنا يستعد الزوج (معاذ) ليخبر زوجته بأنه ذاهب إلى مقر عمله بمعمل الشركة مع السيد (فليب) لأمر هام فتخبره كيف تذهب في وقت الحظر فهذا يعرضك للخطر وخاصة أن معك ضيف أجنبي. فيقول لها الزوج أنه أمر مهم ولا يمكن تأجيله للصباح وأسال الله أن يوفقني لما سأقوم به لخدمة البشرية.
وهنا ينزلان معا السيد (فليب) وبصحبته (معاذ)، وأخذا يسيران في شوارع جانبية ومسارات خلفية يعرفها (معاذ) لكونه من سكان المنطقة منذ أكثر من 10 سنوات وفي كل خطوة يخطوها الطبيب قلبه يرتجف لعلمه بما تقوم به الشرطة من دوريات لضمان سلامة المواطنين ومتابعة تطبيق الحظر، وفي أثناء السير يتصاعد صوت عربة شرطة النجدة فيختفي (معاذ) والسيد (فليب) في ظل أحد المباني لحين ابتعاد تلك السيارة.
ثم يجددان المسير لحين الوصول لباب الشركة وهنا يطرق (معاذ) على الباب الزجاجي حتى يقوم حارس الأمن بفتح الباب حيث أنه كان معتاد في الأيام السابقة للحظر على الحضور لمتابعة أبحاثه داخل معمله الخاص بمقر الشركة. وهنا يرحب به الحارس ويفتح له الباب ويقول وهو مندهش: كيف استطعت الوصول للشركة في هذا التوقيت لكون الحظر قد بدأ منذ ساعتين؟ أهبره القصة انه استغل معرفته للشوارع الجانبية كطريق وصول. ورحب به الحارث وبضيفه وبعد تسجيل الزيارة في سجل الزيارات توجه زوار وقت الحظر لمقر معمل الطبيب (معاذ).
وبعد أخذ العينات من السيد (فليب) وبدء عمل التجارب على إستخلاص الطبيب للعلاج من بلازما الدم لكون السيد (فليب) هو أحد المتعافين من هذا الفيروس وفي أثناء انتظار قيام الأجهزة بفحص العينات لإستكمال التجارب التي كان يجريها (معاذ) قبل ذلك في محاولة يأسه لكن الأن لديه حالة يسهل معها الوصول لنتيجة سريعة وفي أثناء ذلك يسقط السيد (فليب) على الأرض وتتعالي درجة حرارته وهنا أخذ يردد كلمة (فعلها ريموند.. فعلها ريموند) فيطلب من معاذ أن يعطيه العقار الموجود في جيب البذلة فأعطاه شريط الدواء وتناول منه حبة ذات لون غريب وبعد تناولها طلب شربة ماء وبعدها بعشرة دقائق استع اد لياقته.
وهنا يتجدد السؤال من هو ريموند؟ وماذا حدث؟ وبعد استقرار حالة السيد (فليب) أجاب بأن السيد (ريموند) هو زميل له في الشركة الأم ولكنه يحمل أفكار متعصبة ضد العرب والمصريين وله ميول عدائية ولكونه قد علم بما سيتم من خلال زيارتي فربما قد وضع لي السم في المشروب الذي تناولته معه في مقر الشركة قبل حضوري لمصر اليوم ولكن أحمد الله أن الشركة كانت متنبهة لهذا الشأن ومتأهبة لهذه المواقف فأعطوني عقار تجريبي من صنع الشركة يقوم بتنقية الدم من السموم خلال فترة وجيزة وقد أثبت فاعليته في التجارب والآن قد فعل فعلته معي ونجاني من الموت ولن يمنع العداء من تنفيذ إرادة الله في اكتشاف العقار وشفاء البشر في كل مكان فجم يعنا بشر حر وتجمعنا الإنسانية.
وبعد هذا تم استخلاص عينات جديدة بكمية وفيرة وتم انتظار النتائج من الاجهزة وبعد مرور حوالي 3 ساعات كانت النتائج وبعد إختبار فاعليتها معملياً على خلايا الفيروس القاتل والتي كانت بمتوفرة بثلاجة المعمل وداخل عينات الحفظ. فكانت النتائج متميزة فهي تقضي على الخلايا خلال ساعات معدودة وهنا قام الطبيب باستخلاص كميات كافية من البلازما ووضعها في جاهزية للاستخدام في العلاج وللعرض على إدارة الشركة وتجهيزها للتصنيع بشكل كبير في اليوم التالي من تجربتها ومعرفة مدي فاعليتها وقد حصل (معاذ) لنفسه على عدد (2 جرعة من هذا العقار التجريبي).
وهنا عرض علي السيد (فليب) أن يعود معه للمنزل ولكنه طلب ان ينتظر في مقر الشركة لكون زمن الحظر قد قارب على الانتهاء فالساعة تشير لتمام الساعة الخامسة والنصف صباحاً لذا عرض عليه (معاذ) ان يستريح في قاعة الاجتماعات بالدور الارضي من مبني الشركة فوافق على هذا العرض وتم اعلام حارس عقار المبني بهذا الضيف ومقر وجوده لحين حضور مدير فرع الشركة صباحاً ويكون الطبيب (معاذ) قد حصل على دش ساخن ويقوم بتبديل ملابسه.
وبعد هذا الحوار توجه الطبيب (معاذ) لمنزله مستخدماً الطرق الجانبية وحين صعد لشقته كانت هناك مفاجأة مذهلة تنتظره فقد فتح باب الشقة حتى لا يزعج أحد ولكنه كان يسمع ذلك صوت متصاعد نعم أنه صوت انين وبكاء صادر من غرفة الأبناء وحين قام بفتح الباب يجد أمامه افراد الاسرة في وضع مرعب ويثير الحزن. فالأم تحتضن الأبناء وتبكي في حرقة لما قد ظهر عليهم من ملامح الإعياء وكذلك أخيها الكابتن طيار (محمود) تظهر عليه ملامح الإعياء والتعب. وهنا يدخل (معاذ) ويري هذا الأمر فلا يكاد يتمالك نفسه حتى يقوم بدوره كطبيب وتغلب عليه مشاعره نحو حماية أسرته وبعد قياس الحرارة ومعرفة الأعراض وبخبرة الطبيب علم أنهم قد تعرضوا للإصابة بهذا الفيروس القاتل (COVID-19) ولكن من هو مصدر الإصابة. هذا هو السؤال؟ وكيف انتقلت الإصابة إليهم؟
وأخذوا يتبادلون الاتهامات حول السبب في حدوث العدوي هل هو الطبيب الأجنبي السيد (فليب) أم هو الطبيب (معاذ) الذي يخرج باستمرار لإحضار طلبات المنزل، أم أنه أحد الضيوف الذين قد حضرت إليهم وتعالت صيحات الاسئلة وبعد صمت عميق وفترة طويلة من التفكير ... . أعلن الكابتن طيار (محمود) أعتقد أن سبب العدوي هو أنا فقد كان زميلي في العمل تظهر عليه اعراض المرض في يوم قدومي اليكم منذ ثلاثة ايام ولكني اعتقدت انها نزلة برد عادية فلم ألقى بها بال، وهنا تحدث الصدمة للطبيب معاذ وينهار من البكاء فمن عليه ان يأخذ العقار الذي يملكه الأبناء أم الزوجة أم أخو الزوجة والآن هو قد تع ض للمخالطة وربما تمت إصابته بالعدوي فهل يتناول هو العقر ام من يقدم له العقار والعلاج أولاً.
ومع تصاعد الصراع لديه حول من يتناول العلاج تفتق لذهنه ذكري سقوط (فليب) وعودته سالماً بعد تناول هذا الدواء ذو اللون الغريب وهنا تذكر انه نسي فوضعه في جيبه لكونه كان مصدوماً بما حدث وبهذا يكون عليه أن يعطي العقار للجميع وبعد أن اعطي الأبناء العقار الجديد الذي استخلصه بنفسه من بلازما دم السيد (فليب)، وأعطي لزوجته وأخيها وتناول معهم الدواء الذي كان بحوزة السيد (فليب). وبعد تحسن الحالة واستقرارها بعد مرور بضع ساعات من تناول العقار. طالب الطبيب (معاذ) من أفراد الاسرة تجهيز ملابسهم لكونه سيطلب الخط الساخن لوزارة الصحة (105) ليقوموا بدورهم في عزلهم والقيام بالحجر الصحي لهم ومتابعة حالتهم لحين تمام الشفاء ومساعدتهم في تجربة العقار الجديد. فوافقوا جميعاً واستعدوا بجمع اغراضهم.
وبعد حضور المسئولين قاموا بتعقيم الشقة وكامل العقار ومقر الشركة وعزل المخالطين من السكان وحراس الأمن وعزل هذه الاسرة وكذلك السيد (فليب) بمستشفى مخصص للعزل وتم متابعة نتائج العلاج الجديد بعد تطويره من خلال الأطباء بفرع الشركة بالقاهرة والذي حقق نتائجه في العلاج التام خلال 48 ساعة وقضي تماماً على الفيروس القاتل (COVID-19). وبعد تمام الشفاء وخروج الأسرة من العزل والحجر الصحي بعد 14 يوم من الحجر الصحي تابع الطبيب (معاذ) إنتاج هذا العقار بشكل تجاري لتوفيره بالصيدليات وتم القضاء على الفيروس القاتل (COVID-19) في جميع أنحاء البلاد وتم توزيعه على البلاد الأخرى وبهذا تم حماية البشرية وحماية الوطن من هذا الخطر المميت.
وتم تكريم الطبيب (معاذ) من ادارة شركته في فرنسا وفي مصر وقامت وزيرة الصحة باستضافته وجعلة منه مستشاراً للعقاقير الغير تقليدية والاشراف على معمل الابحاث المتطور (نانو كميكال). وبعد عرض التقارير على سيادة رئيس الجمهورية قام بتكريم هذ الطبيب المصري باعتباره نموذج مشرف للشباب.
وبعد عودته للمنزل واحتفاء أسرته به وتجمعهم لتقديم شكرهم له فهو سبب بقائهم أحياء فقد يسر الله العلاج على يديه وبعد الغذاء ومن شدة الارهاق اخذه النوم العميق ولم يفيق الا على من يمسك بيده ورأسه ليقبلهما وهنا ينتفض كمن ينتفض من نزعات الموت ليجد نفسه أمام شاشة التلفاز وحوله ابنائه ويجد تقرير يعرض عن تجارب معملية لعقار محتمل من بلازما الدم للمتعافين ويتم حقنه للمرضي.
وهنا يتنبه الطبيب (معاذ) أن ما حدث هو حلم قد راوده أثناء نومه الخاطف أمام شاشة التلفاز من شدة إرهاقه في تجاربه وبحثه عن علاج للقضاء على الفيروس القاتل (COVID-19) وأثناء جلوسه مع أسرته إستعداداً ليومه الجديد في اليوم التالي من العمل وتحضيره لمقابلته مع مندوب الشركة الأم والتي مقرها فرنسا مع مديرة فرع الشركة بالقاهرة. لمناقشة أخر تطورات نتائج العلاج. وفي أثناء ذلك تأتي مكالمة مديرة الشركة بالقاهرة لتعلن أن الطبيب (فليب) سيتصل بك ويتحدث معك الآن. وبعد اغلاق الهاتف على تلك المحادثة رن الهاتف من رقم غريب وكانت المفاجأة انه نفس الصوت الذي كان معه في المحادثة أثناء الحلم هل هذا حقيقة ام خيال وتابع معه الحوار واتفقا على اللقاء في اليوم التالي.
وبعد مرور ساعة من الزمان بعد نوم الأبناء كانت المفاجأة صوت الزوجة ونحيبها لكونها أثناء مرورها على أطفالها وجدتهم يعانون من حرارة خفيفة وبعد إجراء الكشف الطبي عليهم من والدهم تبين أنهم يعانون من نزلة برد عادية وبداية إحتقان في الحلق وقام الأب بإعطائهم العلاج اللازم لتلك الحالات فتم تحسن الحالة وانخفاض درجة الحرارة ووجه الأم لمتابعة مواعيد العلاج وضرورة تقديم السوائل الدافئة لهم لحين تمام التعافي.
وهنا أخذت تراود الطبيب (معاذ) الهلاوس والخيالات هل كلن يعيش في حلم أم أنه يعيش في الواقع. أم أنه يعيش في الواقع ويراوده الحلم، وما بين حلم وحلم يقع واقع نعيشه وواقع نسعى لتحقيقه لذا لا تفقد الحلم ولا تتنازل عن محاولة تحقيق حلمك ولكن للأسف لم يستطع (معاذ) أن يجيب على أسئلته ولم يستطع أن يطمئن نفسه. فهل وجد العلاج وتم تكريمه أم أنه يسعي لتحقيق النجاح في ايجاد العلاج. وكلاهما نجاح فهل وصلت لإجابة تستطيع بها أن تقنع (معاذ) أين هو بين الحقيقة والحلم واين يعيش هو الآن........؟؟ وربما كانت الأيام القادمة تحمل مفاجئات بالنسبة له فلننتظر ونعلم ما حدث وما سيحدث معه.
0 التعليقات :
إرسال تعليق