هم الفتية الذين آمنوا بالله، وتركوا عبادة قومهم؛ عبادة الأوثان، وعبدوا الله وحده؛ هكذا يطلق عليهم عند المسلمون، ويطلق عليهم عند النصارى "السبعة النائمون" الذين عاشوا في عهد اضطهاد النصارى، وكان ذلك على الراجح في ظل حكم الإمبراطور "ديقيانوس"...
تخلوا عن الجاه والسلطان ومتع الحياة ابتغاء وجه الله وطمعا في رضاه، لجؤوا إلى كهف مقفر، مخيف، مظلم؛ فملأه الله لهم بفضله وكرمه خيرا، وأمنا، ونورا، وجعل من قصتهم معجزة حية تشهد على عظمته سبحانه، وتنطق عن مطلق قدرته تعالى في خلقه الضعيف، الذين تكبروا، وطغوا، وظلموا، وقهروا...
قال ابن عباس : "فكانوا كذلك ليلهم ونهارهم في عبادة الله، يبكون ويستغيثون بالله، وكانوا ثمانية نفر : "مكسلمينا وكان أكبرهم وهو الذي كلم الملك عنهم، ومجسيميلنينا وتمليخا ومرطونس، وكشطونس، وبيرونس، وديموس، ويطونس وقالوش"...
ونحن إذ نتذكر قصتهم اليوم، وبخاصة في يوم الجمعة، حيث تلاوة سورة الكهف من آكد سننه، نتوقف ونتدبر، ونفكر، ونعتبر، ألسنا في مأزق أصعب منهم؟!، ألم نرمَ دون أدنى إرادة منا في غيابات كهف آخر أشد فتكا، ووحشية، وظلامية من كهفهم؟!...
هذا البلاء والوباء الذي أسكت الأحياء، وتبدلت معه كل مظاهر الحياة، مدن خاوية كأنها مساكن للأشباح، كائن ضئيل لا يرى بالعين إلا أنه بطش بجبابرة البشر، حطم الأساطير، وحيد الجحافل، وهزم الأكاسرة، وإذا كان حال آخر الأمة غير منصلح إلا بما صلح به أولها؛ فلنبحث عن سر نجاتهم وموطن خلاصهم؛ علنا نريح ونستريح...
لم لا نتلمس خطا هؤلاء الفتية الذين نجوا من الشرك بالإيمان، ومن القهر باللجوء إلى المنان، ومن استكانة أهل الدنيا إلى التقوي بالله، ومن مخافة الخلق إلى عصمة الخالق؛ فحق لهم أن يخلد ذكرهم في آي القرآن، آيات تتلى، وقصة لا تنفك في الآفاق تروى..
ونحن إذ نسير على نهجهم، ونلجأ إلى الله سبحانه دون سواه سنستحق عن جدارة النجاة من كهفنا المرعب هذا، وسيدون سعينا في سجل العلا، رزقنا الله وإياكم التوبة الصادقة، وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه؛ إنه ولي ذلك وحده والقادر عليه...
0 التعليقات :
إرسال تعليق