من بنات أفكاري بقلم د. غادة فتحي الدجوي






لا تشتروا دماء الأطفال...

فتحت الفيسبوك صباحا لأجد " بوست" من صديقتي "منى" بقصة " إقبال المسيح" التي استأذنتها أن أستعيرها في أحد مقالاتي و رحبت منى بذلك و قبل أن أتحدث إليكم عن كم الآلم و الأفكار التي راودتني طيلة اليوم ، و لم أستطيع تجاهلها ... و سأنقلها لكم كما نقلتها بلغتها العامية

"" ٢٥ سنة على اغتيال البطل الصغير إقبال مسيح،
من 33 سنة كان في طفل صغير عمره 4 سنين بيشتغل بطريقة استعبادية في مصنع سجاد في مدينة لاهور الباكستانية وعانى من سوء تغذية وظروف شغل قاسية كان بيشتغل لمدة 14 ساعة متواصلة كل يوم من غير أي إجازات أسبوعية ولا غيرها، وبمقابل مادي يساوي 3 سنت بس، بعد ما أسرته "باعته" لمصنع سجاد بمقابل 7 دولارات كـ"عبد" عامل...؟!
الطفل إقبال مسيح عانى من ظروف شغله اللي كان بيتربط طول الوقت بسلاسل علشان ميهربش إلا أنه لما كبر شوية وفهم إن ظروف الشغل دي غير آدمية ولازم يتركه ، لكن صاحب المصنع هدد إقبال وزمايله الأطفال إنهم في محاولة هروبهم هيتصب عليهم الزيت المغلي ، لكن إقبال حاول يهرب ونجح في ده لكن صاحب المصنع لاقاه ورجعه للشغل وصب زيت مغلي عليه فعلًا، لكنه هرب تاني والمرة دي هاجر من مدينته تمامًا وساب أسرته ، لجأ إقبال لجمعية بتناهض عمالة الاطفال ولما استعاد حريته أول حاجة عملها اتعلم وزاد وعيه أكتر وأكتر وصمّم إنه يساعد كل الأطفال اللي بيستعبدوا ويحررهم من أشغالهم دي وفعلًا نجح في تحرير 3000 طفل.

وإقبال اللي كان عمره تقريبا 11 سنة بس اتحول لبطل وأيقونة للنضال ضد عمالة واستعباد الأطفال على مستوى باكستان والعالم ، البطل الصغير زار مدن وعواصم كتير حولين العالم وقاد حملة (BLLF) لتحرير الأطفال العُمال المستعبدين وكان بيردد شعار كان كاتبه على حتة قماش "لا تشتروا دماء الأطفال" وبيرفعها في كل مكان علشان يعمل حملات مقاطعة لسلع ومنتجات مئات المصانع اللي بتشغل ملايين الأطفال وتستعبدهم في العالم.

طبعا دة خلق حالة من الغضب والكراهية من أصحاب المصانع دي وأصحاب المصالح حتى من المسئولين الباكستانيين نفسهم ، لحد ما بعد رجوع الطفل من رحلة في أمريكا لباكستان اتعرض لهجوم قاتل واخترقت جسمه الضعيف رصاصات أنهت حياته  في الحال وهو عمره 12 سنة بس، ولحد دلوقتي متعرفش مين القاتل الحقيقي ؟!

بعد اغتياله اتأسست منظمة حقوقية باسمه لها نفس أهدافه أسست 20 مدرسة في باكستان وساهمت في تحرير أطفال كتير جدا.

وحملة (BLLF) استمرت ونجحت في تحرير 30 ألف طفل لحد سنة 1999، الكونجرس الأمريكي عمل جائزة سنوية باسمه "إقبال مسيح" للقضاء على عمالة الأطفال ، وفي 2011 اتعمل فيلم بريطاني عن سيرته الذاتية اسمه Carpet Boy وقام ببطولة الفيلم بدور إقبال الممثل الهندي عيوش ماهيش كاديكار ... اليوم  بتمر الذكرى الـ25 على اغتيال الطفل إقبال مسيح .. لازم نفتكره ونحيي ذكراه هو وكل المناضلين "الحقيقيين" اللي مثله. ""

كانت هذه هي المقالة، و أتصور كم المشاعر التي هزت قلوبكم ، كيف أن والدين كانوا قادرين انسانيا علي بيع فلذة أكبادهم " كعبد عامل"
وحال الطفل الذي أصبح كهل في عمر الأربع سنوات، ثم تحول بمحض قسوة البشر إلي مناضل و صاحب قرار ، بل و أصبح شعاره علامة للحرية و مناهضة عمالة الأطفال و هو أقل  من احدى عشر عاما، ليصبح شهيد لأفكاره و رسالته و هو في الحادية عشر.....؟!

جلست أفكر في كل هذا و أكثر  و أقول ما أروعك يا بني كم كنت مسئول، كم كنت قوي، كم كنت مثابر و لديك حلم تمسكت به ، كم كنت تتألم و تفكر في من حولك ، كم كنت تقرر و  تفعل، كم كنت تريد ان تصنع الدوي الإيجابي... ما أروعك !
 و وقفت عند سؤال إلي كل أب و أم حقيقين أو بالتبني.. أتعلمون ماذا أقصد بالتبني، أقصد المدرس و المدرسة، العم و الخال ، الجد و الجدة، الخالة و العمه، المربي و المربية، كل من يتعامل مع زهور الحياة... هل نحن أمناء في التعامل معهم ... ما هو واجبنا ، مسئوليتنا؟
أحبائي... منحنا الله هذه الزهور في حياتنا كي تمنحنا الحياة و نمنحها الرعاية و المحبة لنحيا معهم ، كونوا اليد التي تحنوا قبل القسوة حتي لا يختار أولادنا الخروج إلي الشارع و ينساقوا إلي دروب لا نعلمها ، و ربما لن يجدوا إقبال المسيح يحررهم،  هل زرعتم في نفوسهم  و عقولهم كيف يكونوا مسؤولين، واثقين من أنفسهم، لديهم أهداف، مثابرين متمسكين بأحلامهم...
نحن جميعًا  مسؤلون :-
- علينا بناء علاقة احترام متبادل بيننا و بين أبنائنا.
- علموا أولادكم مهارات تنفعهم مدي الحياة بصدق.
- عززوا ثقة أولادكم بأنفسهم حتي يمكنهم التعامل مع صعوبات الحياه فهم ليس بنفس وضعنا عندما كنا صغار ... مدخلات الحياة تغيرت.
- اظهروا محبتكم و تعاطفكم لأولادكم حتى إن أخطأوا فهم يحتاجوا إلي الأمان منكم أولا قبل التوجيه.
- عانقوا أطفالكم، قولوا لهم أنكم تحبوهم، هم يحتاجون أن يستمعوا منكم إلي كلمات الحب و العطف.
- استمعوا إليهم بشغف و قفوا مكانهم في الموقف  .. أي فكروا في الموقف بمنطقهم ليس بعقولكم أنتم.
- العبوا، اضحكوا ، ارقصوا، اقرأوا ، استمعوا إلي الموسيقي معهم.
- امتدحوا أولادكم و افتخروا بكل انجازاتهم مهما كانت بسيطة، لتحفزهم لينجزوا الأعمال العظيمة .   
- ضعوا الدستور الخاص بكم في منزلكم و تكون كل البنود بأفعال إيجابية .
- شاركوهم في حل المشكلات، وفروا لهم معلومات و اتركوا لهم التفكير .. هم لديهم الكثير فلا تقتلوا افكارهم و إبداعاتهم بأفكاركم الفورية.
- كن لهم قدوة في احترام الآخر، و احترام حقوق الآخرين، مساعدة الآخرين، إصلاح الأخطاء، الاعتذار و النزاهه.
- ساعدوا أطفالكم علي الإيمان بذاتهم و تقدير قدراتهم و مهاراتهم و تفردهم.
- شاركوا أولادكم في قيمهم و حدثتهم عن القيم الحقيقية في الحياة، و استمعوا إلي وجه نظرهم.
- حدثوا  أولادكم عن العمل و قيمة العمل و المال و الادخار و شاركوهم المسؤولية .
- اغرسوا الطقوس الدينية و العبادات بحب و ليس بالعنف و التخويف.
- شجعوا أعمالهم و عززوا المحاولات و النجاح بعد الإخفاق و التعلم من التجربة.

و إذا جلست لأكتب سأكتب المجلدات في هذا الصدد ، لذا. أدعوكم أن تقرأوا كتب موثوق فيها عن التربية الإيجابية، من اجلكم و اجل أبنائكم ... فما نربيهم عليه الان سيكون هو مرجعهم في تربية أبنائهم ، او سيكون جرح يتألمون به و منه عبر الزمان.

ابدأوا اليوم، لنحضر كراس و ألوان و صورنا سويًا مع أسرنا  و لنبدأ بعمل ألبوم لكل يوم في حياتنا لتبقي ذكرياتنا الحلوة دومًا لنرجع اليها عندما نحتاج الابتسامة ... فكلنا و من في عمري نذهب إلى البومات صورنا الأبيض و اسود  لنسمع ضحكاتنا دون ان ندري من كم السعادة و الحكايات التي تحتويها...

و لنتذكر " إقبال المسيح" و كيف كان لا يملك الا عقله و قوة إيمانه بنفسه و  بالحق... و علينا ان نبني أولادنا نفسيا أولا ثم معرفيا ثم ... ثم ... ثم  ... ليكونوا قادرين ان يكونوا أصحاب بصمة و فكرة و ذكري في الحياة.

و إلي اللقاء قريبا ان شاء الله





شاركه

عن احمدعبدالكريم

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus