ميلادٌ جديد أم صحوة بعد غفوة؟ بقلم د. أمل درويش.








وتولد شمسُ الحروف بعد غفوتها، بعد حيرتها، بعد صمتٍ لم يتمخض في عناءٍ سوى الصمت، يتيمٌ بِلا حظٍ، بِلا هويةٍ أو وطن..
فليسَ للظلام جذورٌ، عودُه مبتور..
ومهما استغرقتْ في اليأس النفوس، لابد لها من صحوةٍ..
كذلك قرأنا في كل كُتب التاريخ وعلى مدار العصورِ الغابرة، لم تدُم غفوةُ الأمم، ولم تنتظر طويلًا في ظُلمات القبور..
الجذوةُ التي تكاد تختنق تحت ركام القهر والظُلم، تحت أقدام الطُغيان واللهو، وبين زوايا التكاسل والخنوع..
لن يدومَ طويلًا صبرها، تعود لتستجمع أشلاءها وتشتد، كطفلٍ بعد أول سقوطٍ له حين اختبر أولىٰ خطواته فكانت الأرض تحت قدميه كالمهد الممتد..
لا يأسَ يغزو قلبه، وإن بقي مدّةً يتحضّر للمحاولة الثانية..
لستُ ممن يسكبون الدمع على أطراف الكتب، وينوحون ويندبون حظًا كان ليختلف لو أنهم ولدوا في زمن ابن سينا أو ابن رشد، يحاربون من أجل الحرف، يسطرون تاريخًا بالذهب، ويتركون ما ينير للأجيال القادمة عتمة الدرب..
وتُزهر أحلامي بالتخفّي والغياب بين مطويّات ابن حيّان، أو سرٍ من أسرار الرازي..
وأدور حول الكرة الأرضية بصُحبة الإدريسي، ومنها للقمر خلف البيروني..
وأفيق على همّي الكبير وكأنني جرمٌ صغيرٌ في فضاء الكون لا يعرف عنوانه أحد..
.
نقطةٌ كبيرةٌ بحجم الحجر أُلقيها على حافة البئر، لعلها تكتم فاه السطور، وتوقف سيل الحروف..
فمن أنا لأتنبأ بما تؤول إليه أحوال الكون؟
ومن أنا لأخرج عليهم بهذا الأمل؟
فأخبرهم أنه ولد بلا أب، وهل يشفعُ لي صمتُ مريم؟
كل الأخبار من حولي وحولهم تدفع للجنون، توشك أن تُلقيَ بنا من على هذه الحافةٍ إلى جوف بركانٍ مجنونٍ لا يرحم..
فهل جاءت الصحوة أم ما زلنا نُصِّر على استمتاعنا بالسقوط في أسفل سافلين؟
وننكر بكل الوسائل إخفاقنا المريع، بسخريتنا المعهودة التي ندعي أنها سلاحنا للبقاء ونقاوم بها قسوة الزمن..
من ذاك المستنقع الذي اعتدنا منظره وأزكم زخمه أنوفنا فصارت تدمنه؛ يبدو الأمل من بعيد يلوح في الأفق، أكاد وحدي أراه وبعض الحالمين..
جاءكم الخلاص، بشارةٌ قرأتها، نبوءةٌ لا أدري متى تتحقق ولكنني أؤمن بوجودها..
شاركه

عن الكاتبة الصحفية دعاء سنبل

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus