قصة / الكنز في داخل قطرة ماء بقلم د/ أحـمد مقلد



نزلت قطرة من أمطار السماء من عليائها ومن رحمة الله وفي وجود ريح خفيفة مع أصوات الرعد وضوء البرق ومع مرور الوقت لم تشعر تلك القطرة بالوحدة لكون الكثير من القطرات قد تساقطوا معها من علياء السماء ومن قلب السُحب العالية لسقية خلق الله، وطهارة للقلوب ونظافة للشوارع ولكن تظل تلك قطرة المطر هي البطلة ويظل فعلها مؤثر رغم صغر حجمها.

وفي أثناء نزول قطرات المطر تجمعت في تكتلات قوية على ساحة صحراء مصر الغربية لتتخلل داخل الرمال وتنساب داخلها حتى أحدثت فجوة كبيرة وهبوط أرضي وفي أثناء متابعة المسئولين لحالة الجو العاصف والذي يصاحبه سقوط الأمطار الغزيرة، وفي تلك اللحظة كانت هناك إحدى اللجان قد ابلغت في الهاتف المخصص لهذا الشأن بأنه بمتابعة الاقمار الصناعية لنتائج سوء الاحوال الجوية تلاحظ وجود فجوة كبيرة في منطقة نائية بالصحراء الغربية وبجوار إحدى الواحات. وفي إطار متابعة المسئولين للأمر أرسلوا فريق ومعدات لفحص الأمر. وحين وصل فريق العمل لاتخاذ التدابير اللازمة كانت الدهشة والمفاجأة......!!

نعم فقد تسبب تسرب المياه داخل الصحراء عن مفاجأة عظيمة فقد ظهر حجر كبير يحمل نقوش تحمل رسالة مفادها (يا من وصلت إلى هذا المكان ابتسم فقد أراد الله أن ترى مجدي وتعلم عظيم فعلى فأنا من ملكت وأقمت العدل في بلدي وقد كرمني الله بحب الناس فصنعوا لي مقامي هذا فلا تدنسه يا من فعلت خطيئة وإلا ستنال العقاب لحظة دخولك ومن دخل قبري وله قلب أبيض ولا يحمل الشر فسوف يسعد برؤية مجدي والتمتع بنور المعرفة). وبالطبع من ترجم هذه الرموز المكتوبة باللغة الديموطيقية كان من خبراء الآثار الذين حضروا فور علمهم بظهور هذا الكشف الجديد.

وقد تم تكليف خمسة من خبراء الأثار والذين لديهم معرفة ودراسة لمجالات مختلفة من الهندسة والطب والتاريخ والاثار للدخول ومعرفة السر واكتشاف المجهول، وفي طريق الدخول كان هناك حلقة كبيرة من المعدن الذهبي. وفي محاولة جذب الحلقة الذهبية الموجود على مدخل هذا القبر انفتح الباب ودخل الفريق ولكن فور دخول آخر فرد من الفريق المحمل بالأجهزة والمعدات والأضواء وأجهزة التنفس وبعد تمام دخولهم انغلق الحجر ليسد طريق الدخول. فحاولوا الخروج وإزاحة الحجر ولا مجيب، وهنا قال أحد أعضاء الفريق ويدعى (حسام) وهو خبير في مجال الآثار اعتقد انه ما دام هناك طريق دخول فإنه هناك طريق للخروج. فدعونا نستطلع الأمر، وفي أثناء دخولهم وجدوا ثلاثة مداخل. فقسموا أنفسهم لتلك المداخل وكانت المفاجأة...!! أن بدأ الفريق الأول والمكون من عضوين هم (محمود ونادر) وأحدهم كان يعمل في مجال الآثار كمتدرب وكان لديه خبرة في مجال التنقيب والآخر كان مهندس مهتم بالعمارة الفرعونية، وفي طريق دخولهم وجدوا كهوف فرعية وتجويفات جانبية بمثابة شوارع فتحادث الاثنان أن يضعوا خطة للبحث، وفي أثناء سير محمود في طريقه الجديد داخل أحد الشوارع الجانبية وجد صندوق ذهبي بجواره تمثال ضخم له شكل مفزع. ووجد بداخله (بيضة ذهبية وعين حورس مصنوعة كقلادة وبجوارهم قطعة من ورق البردي مكتوب عليها "لا تملك ما ليس لك").

 وهنا محمود جذبه بريق الذهب فأخذ الصندوق وما يحتويه ليأخذه ووضع البضة الذهبية والقلادة التي تحمل عين حورس في إحدى الحقائب معه. وفور تحركه وهو يشعر بالسعادة لحصوله على الذهب لنفسه وأخذ الصندوق لفريق العمل وبعد خطوات بسيطة وأثناء التفاته للخلف وجد التمثال ينزوي ويخرج من خلفه صوت حيات وثعابين فحاول الهرب ولكن المفاجأة أن الثعابين أحاطت به ولدغته إحداها واعتصرته الأخرى وتركوه ليعلن جزاء الغدر والخيانة والطمع.

ونعود لنادر الفرد الثاني من الفريق وكان قد سار في طريقه ولكنه سمع صوت صديقه فعاد له ووجده قد فارق الحياة ووجده يمسك بالصندوق وفي محاولة لنجدته حاول تخليصه من الحقائب التي تثقله وكانت المفاجأة سقوط البيضة الذهبية والقلادة. فترك نادر صديقه بعد أن أمن وضعه وأخذ ينظر للبردية ووجد بها رسمة توضح آلية استخدام محتويات الصندوق فحاول (نادر) الاجتهاد عسى أن يحصل على المزيد من الكنوز. فوضع البيضة الذهبية بين ناصية التمثال في موضع جوهرة التاج ووضع القلادة حول رقبته وهنا وفي لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل تحول التمثال لشخص حي وتحاور مع المهندس (نادر) فرد مفزوعا من أنت؟ فوجد من يكلمه بلغة عربية ركيكة:" انا جدك وصانع هذا القبر وانت قد احييتني بعد أن تم وضع تعويذة تضعني فيما كنت عليه حتى لا اصنع مثل هذا القبر المليء بالأسرار. والآن وقد احييتني فإنه مكتوب عليك الموت" وفي لحظة غادرة اخرج هذا التمثال المتحول سلاحه وبادر المهندس نادر بطعنة في قلبه افقدته الحياة وقال له (يا من عبثت مع الكبار من أنت لتنال شرف الحياة) وكأنه يقول له هذا جزاء الطمع والجهل فلو أنك كنت قد قرأت ما هو مدون أسفل المخطوطة والتي قد تم تدوين نصيحة (لا تأمن الخائن ولا تسمح بعودة الساحر فقد تم إحباط سحره ولن يعود الا بعودة أدواته له ولن يتحول مرة أخرى إلا إذا سقط عنه ما وضعه من أدواته). وظلت جثته على الأرض وحاول الفريق الثاني والذي تضمن فردين هما (مدحت و خالد) وقد توجهوا نحو طريق طويل في نهايته باب فأرادوا الدخول بواسطة رافعة مصنوعة من الخشب والمعدن وعند تحريكها صعودا وهبوطاً وجدوا الجدار يفتح باب ليكشف عن حائط كبير عليه نقوش تحكي قصة المقبرة ( بأن أحد ملوك الفراعنة أراد في يوم من الايام ان يصنع قبر يحتوي على كنوزه وكان المهندس الذي يشرف على المشروع له في السحر فصنع أدوات وشراك تمنع سرقة القبر وما يحتويه وقد ظهر ذلك لمدحت وخالد خلال سيرهم من خلال جثث وهياكل عظمية على جوانب طريقهم ولحين وصولهم لهذا الجدار. وفي نهاية القصة كانت المفاجأة (يا من وصلت لهذا الباب احذر فقد علم الساحر بوجودك وحياتك في خطر فاحذر من العناكب السامة والعقارب ولدغات الحيات).

وهنا بدأ الفريق في الجري هرباً من المجهول وفي أثناء ذلك سقطوا في شرك داخل غرفة ضيقة وبها ممر ضيق وفي أثناء مرورهم منها كان هناك ثعبان كبير فاخرج (مدحت) مسدسه فقتله و المفاجأة جاءت بسرعة فقد أحاط بهم ما تم تحذيرهم منه وهنا هرب (خالد) وترك (مدحت) بمفرده لينال عقاب قتله وهجومه على من لم يبدأ بالهجوم عليه وبعد فترة من الهرب أستقر (خالد) في جوار جثة (نادر) زميله في الفريق ووجد معه لفافة البردي فقرأها وعلم ما بها ، وأخذ يجري نحو باقي الفريق ليخبرهم بما حدث ؛ فوجد جثة (محمود) وأستمر في الهرب حتى وجد التمثال المتحول وبمواجهته أخرج  من طيات ملابسه مسدسه ليطلق الرصاص على البيضة الذهبية فسقطت وهنا بدأ يتضح الضعف على الساحر فواجهة (خالد) وأخذ القلادة وهنا ظهر الشحوب علي التمثال المتحول وفارق الحياة ليعود تحت تأثير اللعنة مرة أخري وفق ما وضحته البردية.

وقبل أن يتم تحوله بالكامل حصل (خالد) علي التاج فوضعه على رأسه ووضع البيضة الذهبية فيه ولبس القلادة التي تحتوي على عين حورس وهنا شعر بالقوة والمعرفة بدأت تنساب لجسده وكأنما غمرته الأضواء التي تدل علي المعرفة والتجلي فعرف موضع الكنز الملكي، وعرف موضع زميله الناجي الوحيد (حسام) وعند وصوله لزميله في الفريق أراد أن يقتله حتى يحصل على الكنز بمفرده ولا يفضحه في حالة نجاته ، وبعد مناقشات حادة ونقاشات تبادلا خلالها المعرفة فعرف (حسام) سر الكنز ومصير باقي الفريق وهنا باغته (خالد) بالهجوم وحاول قتله لكن القدر كان بالمرصاد؛ فقد حدث نقص شديد في مستوى الأكسجين داخل تانك الهواء الذي يحمله خلف ظهره ، وتغلغل لديه الغاز السام نتيجة غلق المقبرة لألاف السنين ، وهنا ضعف التنفس وأصابته نوبة هستيرية كمن أصيب بنوبة صرع وفارق الحياة بعض وقت يسير. كجزاء للخيانة والغدر وتوجه الناجي الوحيد يحمل التاج الملكي وما به من بيضة ذهبية بالإضافة للقلادة وسار في طريقه نحو الكنز والذي أخبره به (خالد). وحين وصل بعد فترة قصيرة من المشي والسير في طريق الكنز وصل لغرفة مكتوب عليها (هنا يسكن رأس الحكمة وصاحب العظمة الملك الذي حكم فعدل).

وبعد فهمه لتلك الكتابات المكتوبة (باللغة الديموطيقية) دخل ممر باب الغرفة بعد المرور بالباب السري الذي أصبح يعرف مدخله، ليجد أمامه وفي منتصف الغرفة تمثال ذهبي لشخص حورس وخلفه تابوت ذهبي ومجوهرات ملكية، فوضع (حسام) التاج الملكي والقلادة في موضعهم علي راس التمثال والقلادة حول رقبته، وهنا هاتفه من يقول (شكرا يا صاحب القلب النقي لأمانتك وسعيك وصدقك فقد أعدت تاج الملك وقلادته ووصلت إلى هنا لكونك مخلص ولم تسعى لنيل ما ليس لك والآن اختر ما ترغب لتناله كمكافاة مني أنا حارس القبر ومن صاحب القبر الملكي) فقال له (حسام) وهو الناجي الوحيد. " لقد اشتقت لبلدي وزملائي الذين ينتظرون خروجي، وهنا وجد الحارس يرد عليه (ستخرج ولكن لك مني هدية ولزملائك أيضاً. أدخل هذا الباب خلف التمثال وستجد ممر يليه سرداب وفي نهايته غرفة لها باب سحري فقل هذه التعويذة السحرية (انا صاحب القلب النقي الماضي في طريقي لأبلغ الصحبة واتخلص من الظلمة وقد واجهت خوفي لأنال جائزتي من ملك المقبرة الملك العادل) وسيفتح لك باقي الابواب لتخرج مع الوعد بعدم العودة مرة أخري ، وبعد قول تلك التعويذة السحرية سيُفتح لك باب سحري ويكشف عن غرفة مذهبة وبها نقوش وتماثيل ومجوهرات وكنوز من أملاك الملك تقديرا لحسن خلقك وعظيم صنعك فقد أعدت الحق لصاحبه دون أن ينتابك أي حقد أو طمع أو يصيبك أمراض القلوب لذا إنسي ما حدث هنا وستجد في نهاية الغرفة الذهبية باب حجري به حلقة ذهبية لها شكل دائري هي مخرجك من هنا فأجذبها وسوف يفتح الباب لك وتجد من ينتظرك) وكانت مفاجأة (حسام) كبيرة حين خرج من الباب ليجد نفسه أمام أفراد البعثة ولكنهم متوجهون. نحو باب الدهليز الذي به الفخاخ وخرج هو من باب التقدير ويحمل الكنز. فدل الجميع على ما حدث وأخبرهم بأن السر يكمن هنا في هذه الغرفة ولا تحاولوا البحث عن المزيد.

 فأخرجوا كنوز كثيرة من داخل الغرفة الذهبية ولكنهم تعجبوا أن جثة الملك وتابوته ليسوا من ضمن تلك المحتويات ولكن ما أهميتهم والكنز معهم فأخرجوه ونقلوه للمتحف المختص بعد حصر وتسجيل القطع بدقة وكانت المفاجأة هي تخصيص مكافأة مالية كبيرة مخصصة للناجي الوحيد (حسام) نظير فعله وأمانته.

 وبعد أيام من نجاته صرف مبلغ المكافأة واسس شركة يستثمر فيها أمواله وترك عمله حتى سار من كبار المستثمرين. وفي شتاء أحد الأيام ومع هطول المطر وكان (حسام) يجلس داخل مكتبه الوثير بمقر شركته في أحد الأحياء الراقية. وجد من يطرق الباب فكانت السكرتيرة (سرينا) وأخبرته بوجود ضيف يحتاج أن يقابله ولا يرغب في أن يخبرها باسمه. ودفع الفضول (حسام) لمعرفة ذلك الزائر الغريب فكانت المفاجأة والدهشة...!

هل أنت ......!!!! نعم إنه أنا (خالد) فقد غبت عن الوعي للحظات ولكني أفقت وفي سرعة أوصلت الخزان الاحتياطي للأكسجين وتبينت الطريق حتى وصلت لغرفة الملك واستعدت ملكي ومعرفتي اللانهائية والتي وصلتني بالتاج الملكي والقلادة السحرية والآن وقد خرجت فهل ستعينني على استعادة ملكي بالسيطرة على العالم والحصول على باقي أملاكي وكنوزي. وهنا كان الرد من (حسام) فماذا تتوقعون أن يجيب وما سيكون في الأيام القادمة .


شاركه

عن الكاتبة الصحفية دعاء سنبل

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus