د/ زينب الفيومي تكتب /الوسادة ليست خالية


 



من عادتي اليومية وربما أصبحت روتين أو نمط في حياتي و هي إعادة ترتيب سريري صباحاً بعد ما بصحي من النوم .. وده عادي كلنا ممكن نكون بنمارسه يوميا 

و لكن اليوم تحديداً  أمسكت 

{مخدتي المفضلة} لدي دوناً عن بقية الوسائد الأخري .... فلكل منا بالتأكيد وسادة مفضلة لا ترتاح رأسه و لا يغفو جفنه إلا عليها... 

شيلتها  وحضنتها  أووووي  ، عارفين الحضن ده زي حضن أم لإبنها  أو حبيب مشتاق لحبيبه بعد فترة غياب ، و في اللحظة دي أكتشفت إنها أكثر من مجرد وسادة ،ولقتني بقول جوايا 

هي جماد....أه لكن للاسف جماد مهدور حقه 

ممكن نكون بنهتم بتنظيفه  و بنغير الغطاء اللي عليه بصفة دورية بشكل يومي لكن من غير ما نلتفت لأهميته 

وهنا بدأت الحكاية ....

-تذكرت عدد المرات اللي إنتقلت فيها بين مساكن مختلفة ونمت فيها علي سراير مختلفة لكن دايماً  كنت بحتفظ بيها مش بس كده....  لا ده أنا كنت باخدها معايا في كل مكان بروحه أو بنتقل إليه ...  حتى أصبحت رفيقة دربي لسنوات طويلة كل ده وأ نا مش مدركة أد إيه هي مهمة بالنسبة ليه 


-تذكرت كم مرة إحتضنت وسادتي الحبيبة رأسي و هي علي وشك الإنفجار من كثرة التفكير ..

-وكم مرة إبتلت فيها بدموعي ليلاً و سراً و أنا على حافة الإنهيار .... وربما هي الوحيدة التي شهدت إنهياراتي الحقيقية 


-وإذا بي  أتذكر كل اللحظات التي إرتميت برأسي عليها و كانت دائمة الترحيب بي و لم تسأمني أبداً ، أياً كانت حالتي النفسية و المزاجية أو حتى الصحية والتي يتجنب فيها البشر مخالطتي خوفاً على صحتهم ... لكنها لم ترفض يوماً مخالطتي لها... 


*هذا الجماد الساكن لو شاء الله أن ينطقه و باح بكل ما يحمله منا من أسرار ....لأصبحنا عراه 

وهنا أقول ..

-كم حلم مر برأسك وانت نائم عليها ؟ 

-كم خطة أعددتها و تركتها تحتها حتى تستيقظ ؟ 

-كم أمنية تمنيتها و أنت علي وشك النوم قبل ما تغفو عينيك ؟ 

-كم مرة استيقظت على مكالمة أو خبر مفرح و رأسك عليها ؟ 

-و كم مرة جمعت كل خيبات يومك و دفنتها تحتها و نمت ؟ أو ربما لم تنم ،...فكانت هي الساهرة معك !!! 


-كم  سر كتمته في نفسك و رأسك مستلقي عليها ؟؟ 

-هل تتذكر تلك اللحظات التي فتحت فيها عينيك لتجد شخص عزيز أو حبيب بجوارك ؟؟؟ 

-هل تتذكر كل تلك اللحظات التي عصت عينيك فيها النوم لتتأمل النائم بجوارك ورأسك ملقاة عليها بكل هدوووء ؟؟؟ 

-وحتى لو كنت وحيد فأنت أيضاً مرحب بك  عليها وكانت هي هذا الحبيب الوفي لك 

*وسادتك هي خزينة الذكريات المنفصلة عن جسدك و المتصلة بروحك 

*هي من يعلم عنك حقاً كل كبيرة و صغيرة 

*هي من سمعت ضحكاتك و تسترت على أهاتك 

*هي من تحملت عنك عناء يوم مرهق و منحتك نوماً مريحاً 

*هي من تحملت التقلب و الشد و الجذب في كل الليالي الطويلة التي لم تستطع النوم فيها 

*الوسادة هي من تحملت رؤيتك صباحاً كل يوم رغم عبوس وجهك و لم تمل ...

 و هذا السبب وحده كفيلاً على جعلها في مكانة خاصة لديك 

فنحن البشر لا نتحمل بعضنا البعض في الصباح خصوصاً.....  ولكنها تتحملنا يومياً ، تتحمل معنا صوت المنبه الذي نضبطه لإيقاظنا وما يسببه من إزعاج حقيقي ....

-أشياء قد تبدو بسيطة لكنها تحملتها 

 -وأوجاع فعلاً مؤلمة و قامت هي بتهدئتها 

-ولحظات سعادة و إنتظار لشيء نتمنى حدوثه ...و شهدتها وعاشت معنا لهفة الإنتظار 

- كم فكرة باعدت بينك و بين راحتك و نومك وكتمتها هي في خزانة الأسرار 

 - وهل تتذكر هذا اليوم الذي شعرت فيه بالخذلان والهزيمة  وذهبت لها بكل خذلان وهزيمة  ولكنها وبكل حنان  أهدتك إنتصاراً في أحد الأحلام علي من خذلك ..


حقاً 

{وسادتي هي كانت دائمآ ملاذاً  آمناً لرأسي بكل ما تحمله}


و اليوم و بعد هذا العناق الطويل الذي جمعني بها ، تيقنت أنها ليست مجرد وسادة بل هي خزينة لمحتوى سنوات عشتها ، هي تعرف ما لا يعرفه أحد عني ، و تحملت ما لا طاقة للبشر ان يتحمله مني 

و الوقتي أنا بشكرها وبعتبرها رحمة من رحمات ربنا ليه  

لإني بعترف إني في بعض الأحيان بكون غير محتملة سواء في أحلك الفترات الصعبة اللي بمر بيها أو في صخب النشوة و الفرح الدائر في رأسي بعد إنجاز هدف وتحقيق نجاااح ما 

لتلك الوسادة البسيطة العادية جداً و المتوفرة بجميع الأسواق و المكتسية بغطاء يتغير بإستمرار { شكراً }

شكرا لكي وسادتي الحبيبة لعدم تغير قدرتك على إحتضان رأسي بكل ما فيه يومياً دون كلل أو ملل 

شكرا لكي واعترف لكي وللجميع بأن 

 [وسادتي ليست خالية]


شاركه

عن احمدعبدالكريم

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus