<قم للمعلم > بقلم رحاب رشاد



           

من منا لا يحن لذكريات الماضي حين كنا أطفال صغار بزي مدرسي وحقيبة مملوءة  بالكتب هل تذكر؟طفل صغير يخرج  للعالم الخارجي تاركاً أسرته فترة ليست بالقصيرة  كل يوم ليذهب إلى المدرسة دار تلقي العلم ،أجل ها أنت قد بدأت تتذكر معي تفاصيل يومك آنذاك ولقاء أقرانك ولعبكم وفترات المرح الطفولي .مرح ولعب وغضب ومشاجرات ،ها أنا ذا المح تلك النظرة في عينيك وكأن الماضي عاد ليمر من أمامك بكل تفاصيله حال تذكرك ذاك المعلم الذي احببته وتأثرت به وشعرت أنه الشخص الذي يعلمك أبجديات الحياة  بل ويربيك أيضاً . فنحن جيل قد حالفه الحظ بمعلميه الأفاضل ومعلماته الفضليات فقد تعلمنا الكثير على أيديهم  حيث كانت آنذاك مهنة التربية والتعليم فالتربية تأتي في المقدمة وقد كان للمعلم شأنه وهيبته . أراك قد تذكرته وأعتقد أنك تدين له بالكثير إذ أن هذه الإبتسامة التي تعلو وجهك قد أخبرتني إلى أى مدى تأثرت به وأحببته بل دعني أخبرك بما هو أكثر من ذلك فقد كنت تقلده في سلوكياته وطريقة كلامه بل وأستطيع القول أيضاً أنك كنت تخاف منه ولا تحب أن تخطئ أمامه ليس خوفاً من العقاب أو تحسباً لضحك  الزملاء سخرية منك فحسب بل خوفاً من أن ينظر إليك تلك النظرة التي تذيبك خجلاً ويلومك  من خلالها على تقصيرك في أداء واجباتك ذلك المعلم الذي كنت تنتظر موعد محاضرته وتكون في الصفوف الأولى  لتجلس تستقي منه العلم والمعرفة . كان المعلم في تلك الفترة له سلطة وتأثير على التلاميذ تماماً مثل سلطة الأب والأم وله كل الحق في التوجيه السلوكي والنفسي للتلاميذ . إلى أين ذهبت ؟ أراك قد انتقلت بذاكرتك إلى منطقة أخرى هنااك حيث مرحلة عمرية أصغر سن ما قبل المدرسة <الروضة> نعم هل تذكرت تلك المعلمة صاحبة الوجه البشوش ذات الصوت الجميل التي كانت تغني لكم أغاني الروضة الشهيرة ها هل تذكرت إحداها  ؟  لقد كانت بحق أغاني جميلة . دعني أتذكر معك تلك المعلمة الحانية التى  حاولت جاهدة أن تقضي على خوفك منها ومن المكان ،كانت تحتضنك كأم لك لكي تحتوى خوفك  لأنها أيقنت أنك طفل خائف يفتقد أمه وحنانها تلك المعلمة  وما لها من حضور يأسر القلب والروح من فرط طيبتها ورعايتها للأطفال فهم في عينيها كلهم سواسية تركتهم أماتهم في أمان الله ومسؤوليتها الكاملة  ،يامعلمتي يامن كنت تمارسين مهنتك بكل ما أوتيتي من طاقة وبكل ذرة من ضمير راجية من الله عز وجل أن يمنحك  الصبر والهدوء لاستيعاب الأطفال ومطالبهم هل سألت نفسك يوماً لماذا كانت تبذل الجهد وتعمل بكل جد واجتهاد ؟ولماذا كانت تحبكم واعتبرت الصف الدراسي هو بمثابة بيتكم الثانى ؟الإجابة بكل بساطة أنها آمنت بالرسالة الملقاة على عاتقها أحبت العمل مع الأطفال فهي موهبة ياصديقي أرادت أن تنال ثواب التربية والتعليم لمواجهة المسؤولية  أمام الله أولاً وأسركم ثانياً .أو تعلم  ربما هذا كان سر تميزها . اعتقد انه لازمك شعور بأنه ليس لها مثيل على وجه الأرض من شدة حبك لها ،أحب أن أخبرك أننى وبعد خبرة لا بأس بها بالعمل في مجال تعليم الأطفال أقسم لك أنه يوجد مثلها الكثير الذين يراعون ضميرهم المهني ولا أحد يستطيع أن ينكر دورهم  وأهميته في حياتنا فأنت لن تجد معلماً مؤثراً في حياة تلاميذه إلا وكان مربياً خلوقاً متديناً يشرح بكل ذرة من كيانه في محاولة منه إيصال الفكرة والمعلومة بأسلوب سهل وبسيط وبشكل محبب للأطفال ، انتظر فها أنا أرى البعض قد امتعض من حديثى لأنه يرى الكثير من السلبيات والتجاوزات من قبل بعض المعلمين وقد يكون هناك فجوة عميقة بين المعلم والتلميذ ولما لا ففي كل مهنة تجد الصالح والطالح وقد يطال الفساد في بعض الأحيان المنظومة التعليمية وقد يتخلى المعلم عن رسالته الحقيقة ويهدف فقط للربح المادي وعدم الاهتمام بالتلاميذ ومدى استيعابهم للمادة العلمية وأن بعض معلمات الأطفال لا يمتلكن القدر الكافي من الثقافة والعلم والرحمة في التعامل مع الأطفال تعاملاً سليماً فيكتسب الطفل على أثر ذلك سلوكيات وأخلاقيات لا ترضى عنها الأسرة فالطفل كما نعلم جميعاً سريع التأثر بمن حوله ويجيد التقليد دون دراية وإدراك منه وهو سلوك طبيعي ولا أخفيك سراً أن هذه النوعية من المعلمين والمعلمات موجودة بيننا على أرض الواقع ولكنهم أقل من أن نحصيهم او نذكرهم فهم فئة قليلة جداً .  ولكن معلمينا بخير فهم علماء كل فى مجاله والعلماء هم ورثة الأنبياء ليس  فى العلم فقط بل في الأخلاق والقيم وإذا صدق المعلم في أداء واجبه خلق جيل جديد متميز خلقاً وديناً وعلماً وثقافة فتزدهر بلادنا ونرتقي إلى أعلى مراتب العلم فقد صدق شاعرنا أحمد شوقي حين قال <قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا.  أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفساً وعقولا سبحانك اللهم خير معلم علمت بالقلم القرون الأولى أخرجت هذا العقل من ظلماته وهديته النور المبين سبيلا> فالمعلم الجيد يفرض نفسه وعلينا مقاومة المتجاوزين في حق أنفسهم وفي حق أبنائنا.وقد اتجهت الدولة مؤخراً نحو الاهتمام بتحسين  أوضاع المعلمين وأحوالهم المعيشية اعترافاً منها بأهمية دور المعلم في المجتمع فقامت بعقد الدورات التدريبية لمواكبة تطوير التعليم بما يتناسب مع أولويات العصر  الحديث والمعطيات الجديدة وذلك التطوير يحدث تدريجياً فهي المهنة الأهم على الإطلاق فالمعلم هو من يخرج للمجتمع جميع فئاته الطبيب ،المهندس ،الفنان والعامل الجيد ولذلك نستطيع القول أن مصر في طريقها لإحداث تغييرات جذرية على الأصعدة كافة  وسيكون من أهم أولوياتها إصلاح حال التعليم والمنظومة التعليمية والتربوية والاهتمام بالمعلم ولذلك وجب التعاون بين المعلم والأسرة في التربية والتعليم وتضافر الجهود من أجل تلاميذنا الصغار وخلق جيل متسلحاً بالعلم حتى لايقع في براثن الأعداء الذين اتخذوا أساليب جديدة في  الحرب مثل الجهل والفقر والمرض وحينها يسهل الإيقاع بهم في غياهب الإرهاب اللعين. فاسلمي يا مصر الله يحميكي جيشك من المعلمين يقف على أهبة الإستعداد لمواجهة الجهل  بكل أشكاله  وصوره  .ويبقى في النهاية أملي كمعلمة

أن أترك أثراً طيباً في حياة أبنائي وتلاميذي الصغار ليتذكروني .تحية اعزاز وتقدير للمعلمين الذين تركوا أثراً في حياتنا و شكلوا وجداننا وقناعاتنا  ولكل معلم أدى واجبه على أكمل وجه أحب عمله فأحبه الله ودمتم ذخراً للوطن فبالعلم والعلماء تنهض الشعوب.

شاركه

عن احمدعبدالكريم

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus