مزارع الوفرة والعبدلى والامن الغذائي..






.بقلم/ الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح


خلال السنوات الماضية طالعتنا وسائل الإعلام المحلية والإقليمية بأنباء تصدر الكويت للأمن الغذائى عربياً وهو إنجاز ظاهره إيجابى مطمئن وباطنه يحمل خدعة كشفتها جائحة كورونا وهو أن الأمن الغذائى الكويتى لم يراعى أزمة عالمية أدت إلى حالة من الإغلاق العام فى كافة المجالات والأنشطة أبرزها الإقتصادية والإجتماعية والرياضية والدينية والسياحية ، 

ولم يثبت فى تلك الأزمة إلا الدول التى حققت الإكتفاء الذاتى من السلع الضرورية لحياة مواطنيها ، والحقيقة أن الأمن الغذائى لا يتحقق الا بالاكتفاء الذاتى وأن الاعتماد على الاستيراد والاحتكار وفساد الإدارة لن يحقق أى أمن للغذاء فى هذه الظروف العصيبة ،
 والأمن الغذائى لأى مجتمع ليس أمراً مبتدعاً فى العصر الحديث ،فالقرآن الكريم أفاض فى هذا الأمر فى العديد من الآيات كقوله تعالى (الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) (فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) وقد فصل القرآن الكريم قضية الأمن الغذائى كما نعلم فى قصة يوسف عليه السلام والتى ارتكزت على خمس محاور ..
 أولاً العمل الجماعى فى عملية الإنتاج .. ثانياً شراء الحكومة للمنتج بسعر عادل تشجيعا لمزيد الإنتاج .. ثالثاً جودة التخزين للحفاظ على المنتج .. رابعاً ترشيد الاستهلاك استعداداً لأعوام الجفاف .. خامساً وهو الأهم تولية إدارة الأمور للصالحين الأمناء الحافظين للأمانة العلماء
 ولذلك أسعدنى خبر اقتراح الكويت على أشقائها فى دول مجلس التعاون الخليجى إنشاء شبكة أمن غذائى تربط دول الخليج لتحقيق التكامل والاكتفاء الذاتى وهو اقتراح وإن جاء متأخراً ولكنه خير من أن لا يأتى أبداً وهذا يتعلق بالأمن الغذائى خارجياُ والاستثمار الخليجى فى الزراعة والثروة الحيوانية فى دول الخليج أو فى دول الجوار .
 أما فيما يتعلق بالأمن الغذائى محلياً داخل الكويت فلا بديل من الاشراف الحكومى المباشر من خلال الهيئة العامة للزراعة والثروة الحيوانية لدعم المزارعين الجادين والعاملين بقطاع الثروة الحيوانية والثروة السمكية بتوفير ما يلزمهم من دعم مادى وخبرات للتطوير وزيادة الانتاج ومنع احتكار شركات بعينها للأمن الغذائى ، وأن تقوم الحكومة بالشراء بسعر عادل يحفز العاملين على زيادة الانتاج ويمنع فساد تفضيل الاستيراد على المنتج المحلى وهو السبب الرئيسى للأزمة الحالية.
أتمنى أن تقوم الحكومة بتولية الأكفاء وأن تستعين بالخبراء محلياً وعالمياً وأن تستبدل بعض الصناعات الترفيهية والتكميلية بالصناعات الغذائية لاستغلال أى فائض فى المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية القابلة للتخزين مع تركيز وسائل الإعلام على توعية المواطنين بترشيد الاستهلاك والحفاظ على النعمة حتى يحفظها الله علينا فى أوقات الشدة ، لأن هذه الجائحة الوبائية رغم مرارتها الا أنها كشفت لنا كم الخداع والزيف الذى كنا نعيشه وأظهرت لنا بوضوح مواطن الخلل فى كل شئ ، فهى فرصة ذهبية لإصلاح ما أفسدته غفلات السنين .
حفظ الله الكويت والعالم أجمع من كل سوء
شاركه

عن احمدعبدالكريم

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus