عذابات شوقي بقلم سوزان_البربري






أعاتبُ فيكَ نفسى و قد كذبتْ
أكتبُ لكَ بأقلامٍ ماَ مسها الخوف
و لا استعبدتها أنين النبضاتِ
قُلْ لي :
 كيفَ لأبكمٍ أن يُجيبكَ إن دعيتَ؟
وكيفَ لأصمٍ أن يلبى إن ناديتَ؟
قُلْ لي :
 أما دار بيننا غير الكلماتِ ؟
أما كان هناك حديثٌ شيقٌ من النغماتِ ؟
تسمعها القلوب وتفكُر بها العقول
و تستجيبُ لنداءاتها الأرواح
أجبني بربكَ إن عرفتَ

قال ..
كنتِ عندي كبحرٍ ثائرٍ يبحثُ عن شطآن
و كنتِ لي
كالوحةٍ بلا ألوان
رتوشٌ من المعاني
 التي لم يكن لها عنوان
كنتِ لي
وهماً في حياتي يوقظ الوجدانِ حُلماً راودني رجوتهُ أن يكون
كنتِ لي دفءً يغتالني يستعبدُ الشريان
كنتِ لي الشبابَ و لحظةِ عنفوان
تزيدُ في فكرى علامات الاستفهام
و ابتسامة أخاف منها فلا أعرفها
و نظرة تحيرني فلا أطرق الأبواب
لا .. بل كنتِ عندي شعورٌ مبهم حيران
لا أفكر بكِ إلا و أنتِ أمامي تزلزلينَ البنيان
لا بل أخافُكِ
أخافُ من يومٍ يأتي بعدهُ الهجران
مَنْ أنتِ ؟؟ !! ومَنْ تكونين ؟؟
يا من تمعنين النظرَ إلى قدميكِ حين تسيرين
و يهابُ من نظراتُكِ كل مجنون
تشرقين ولا تغربين
مضتْ أعوام انتظرُ فيكِ طِيب اللقاء
انتظر لحظة السكونِ و هدوء الأمواج
انتظر لحظة البدء في المشوار
مشوار طويل لا ينتهى إلا بالفناء
فقد أرهقتني فيكِ أفكار الغيب والظنون العمياء

نعم ... قد رجوتُ فيكِ رَبَ السماء
أن احادثُكِ و أن تُبددَ كل أوهامي بكِ
أن أفسر طلاسم الكلمات

نعم ... كان أول اللقاء و ثاني اللقاء
أصبح الغد بكِ عذب المذاق
أزفُ إلى قلبي وعدًا بالنماء
أملاً بأن أكون رفيق المساء

نعم ..
رغبتُ أن تكوني صديقتي كما الأخريات
وأن تشهدي على فنونى
التي تعزف من محارِ البحارِ أروعَ قصائد الغناء

قلتُ
 نعم ... كان أول اللقاء و ثاني اللقاء و ثالث اللقاء
أصبحتَ تحكمَ قبضة الأسرِ
و توغلَ في الأعماق
ذهبتْ أحاديثُ الأوطان و الأديان
خسرتَ بإرادتكَ لتنتصرَ فيكَ أحلامُكَ بالبقاءِ
و أصبحتَ تنبشُ في قبورِ الماضي لِتُيقظَ بلا شفقةٍ عذاباتِ السماء
ليس عندي .. وإنما كانت لدينا ذكريات نكراء
نبكى على ما مضى و نحلمُ بأن نكون من السعداء

تتهمني بأنني لا أجيدُ التعبير عن الحب و عدم الفهم و سؤ الإصغاء
وقسوة الحديث و فضاضة الكلمات
و تطالبني أن اقرأ ما بين السطور و أن أفهم ما وراء الكلمات
و نسيتْ أنني من الأغبياء

تلُمني على تحجر قلبي و تجمد الحب في دمائي و روح الكلمات
وتدعى أن لي فيضاً من الغرور و الكبرياء
و إنني مستبدةٌ بالرأي و الكلمات
و إنني مستبدةٌ برؤوسِ العباد

تقولُ ... أنني شامخةٌ كمَا النخيل الذى لا يطالهُ الخبثاء
وأنهُ لا يصل إليهِ إلا الحمقى التعساء
و إنني أعاند و أتكبر
و إنكَ لَستَ بهوايَا أنا أمتلكك لأنني لستُ بهواكَ
تقولُ .. بأن حبى حروب و دماء و شهداء
و أن موتى خلود للفناء

ثم تسألُ .. ما معنى الشقاء لدى ؟ و معنى الوفاء ؟
متى تيأسين ؟ و متى تغضبين ؟ و متى تعصفين ؟
و متى تكون دموعكِ أنهار مدٍ لا تتجرأ على الإنحسار ؟
متى تتملكين الحب في قلبكِ ؟
و متى بربكِ تغدرين ؟

تتهمني بأنني أُخيفكَ و أنني أروعُ فيكَ سكونكَ
و أنني أهددُ أفكاركَ بالفناءِ على أيدى الرحيلِ والهجران
تقولُ .. أنني موجٌ و طوفانٌ و ريحٌ و إعصارٌ
وبعد أن أبكى يعزُ عليكَ البكاء

فتقول لي .. أنكِ سيلٌ من المشاعرِ و طوفانٌ من الحنانِ
أنا أُحبُكِ كما الفتيات الأبكار اللائي لا يمسسنَ و لا يلمسنَ

تقولُ .. أنني كمَا القاضي الجريء والجلاد البريء
الذى يصرُ أن يوثقَ للمدان إدانتهِ
بأن يعلنها على الملأ في الخفاءِ و العلن
باللفظِ و الكلماتِ و الصوتِ و الصورة بالكتابةِ و البصمةِ و الإمضاءِ
أتعلمين .. أنني أخافُ أن أكون الرجل الوحيد و المناضل الوحيد
و المقاتل الوحيد في زمنٍ ندر فيهِ العظماء

أتعلمين .. أنني لستُ بمغوارٍ
و لم ألبس يوماً ثوب الرجال الأشماء
قولي لي كيف لي أن أبايعكِ ؟؟؟
و أتخلى عن كل أمجادى في لحظةِ طيشٍ أحيتهُ سهام الولاء
أتعلمين .. إنكِ كما البركان يثور فيحطمُ كل ما أمامهُ إلى أشلاء
أقولُ لكِ .. أعذريني فأنني قد خيبتُ الرجاء
و إنني من الجبناءِ الأوفياء
و إن الجبن سيد الأخلاق

مَنْ كُنتَ أنتَ ؟
و هذه عباءتُك و فكرُكَ و الرداء
مَنْ كنتَ حين تُهزمَ أمامي
وتعلن إنتصاري و تبارك الأهواء
كثيراً ما تروعُني انتصاراتي عليكَ و نشوة العظماء
وكثيراً ما تخيفني هزيمتُكَ أمامي لأنها تحكمُ قبضة الأجواء

أقولُ .. أنني أحبُكَ حين تميل بعيداً عنى
و حين لا ترفقني في صفحةٍ تطوى على قلبكَ في جيبِ الرداء
ما أنتَ فاعلٌ في حبى ؟
و ما يفيدُكَ إن صدقتُ الحديث و الولاء ؟
و ما أنا لا أثير فيكِ نوازع الشباب و رغبة العاشقين
حين تهربُ منهم الدماء
و ما أنا لأقيدَ قلمكَ أن تكتُبَ لي قصائد الرثاء

لكن كيف ؟
و أول اللقاء عندكَ مثل آخر اللقاء
لا يعنيك شيء و لا يزيد أو ينقص من شيء
كيف تحكمُ وتصدر الأحكام ؟
كيف تلمسُ القلوب و أنتَ لا تقترب من عقولها ؟
كيف تقررُ سلفاً و تغلقُ الأبواب ؟
كيف تضعيني كما الأخريات في بيتٍ من الأبياتِ ؟
فلا أنا بيتُ القصيد ولا نهاية المطاف
لن أجادلكَ لمَ ذاك القرار !!!
و لن أطالبكَ يوماً أن تعلنَ العصيان
يتساوى لديكَ أول القطاف و آخر القطاف
ماذا يبقى لي عندكَ ؟
غير الوداع و أطلال الذكريات

تذكر أنني مَنْ أعطيتُكَ الإذنَ بالحديثِ و السؤال
وأنني مَنْ أعطيتُكَ حق اللجوءِ الى الماضي والاستعمار
وأنني مَنْ أعطيتُكَ حق أن تسألني لا أن تحاسبني و تجلدني
و أنني مَنْ فتحتُ لكَ أبوابَ البقاء بعد أن رجوتَ اللقاء
قد أكون قد تجاوزتُ معكَ

لكنني أقول لكَ
أنا لا أهوى ماؤكَ و لا سماؤكَ و لا بحاركَ و لا شطآنكَ و لا موانيكَ
لأنها مشاعةٌ للجميع
دوليةٌ رستْ على أرصفتها آلاف النساء
و أنا غير النساء
ربما قد حلمتُ يوماً بمثل هذه الشواطئ و الموانئ و البحار
لكن ثقافتي ما زالت بكراً بدائية الأحلام
حتى الغرام فيها غرام صبايا وفتيان

كيف ترضى أن أحب لكَ الغفران و أنتَ تجعلني مهزومة الوجدان ؟
كيف ترضى أن أدون إسمكَ على دواوين الأشعار
و أنتَ تدون اسمى كما الأخريات في بيتٍ من أبيات قصائدكَ الطوال؟
كيف ترضى أن تكون نصر حياتي و أن أكون لحنكَ المهزوم. ؟
كيف أضئ لياليكَ بالنجوم و البروج و الشموع
و أنتَ تطفئ دنيايا بلحنٍ من الشجنِ و الدموع ؟

ألوم مَنْ
الصخب الساكن في نفوسنا
أم العطر المبعثر في شفاهنا
أم اللحن المفقود في أغانينا
أم ذاكرة النسيان في عقولنا
أم المعقول و المجنون في خطايانا
لكننا دائماً ما نترحم على ما مات من أحيائنا
و ما فقدناهُ من مشاعرنا
و ما تخلينا عنهُ في صبانا

اخرجني
أخرجني من قيدِ الخوف و الصمت
فأنا لا أعرفُ مَنْ أنتَ في داخلي
لم اسأل قلبي الذى يخفق مسرعاً حين يراكَ
من أنتَ في دمائي ؟

و لا أدرى لمَ أقف كالصنم حينما ألقاكَ
و تضيعُ منى المفردات
و لما تصحو فجأة ذاكرتي من غفوة النسيان
و لمَ البرد يجتاحُني كأنكَ تسلب من قلبي الحرارة و الدفء
و إرادتي في الحياة

أقولُ لكَ أخرجني من الصمتِ
أو أهجرْ كل ما عندي لديكَ من أحلام
اتجه للنسيان و انسى صفحتي حيثُ لا رجعة ولا تذكار
ابتعدتْ كما قبلتَ على نفسكَ الصمت و النسيان
و كما قبلتَ أن تلغى من فكركَ الشعور و الوجدان

يا مَنْ تستهويهِ أفئدة النساء
و يعيشُ معهنَّ حلم الشهريار
أنا لستُ من فصيلة النساء
و لا أنتمى لقبيلة شهرزاد
قد مللتُ جبن الرجال حين يحبون
و نصر الرجال حين يتملكون
و غدر الرجال حين ينهزمون
أنا ما كنتُ عبداً لأحد
و لا فكراً في وجدان أحد
و لا قيداً أو أغلالاً في يد أحد
ماذا ترجو من .. سقطة القضاء
و حماقة الدعاء
و عقوبة الجزاء

يا سليل عصر النساء
ألم ترهقكَ دقات قلبكَ
من سيلِ الذكريات و أحلام الماضي و كل الأوهام؟
أنا لا أحب أن أعيش في بطينين و أذنين و شرايين الدماء
متى تستعبدني سأكون جلادكَ
و متى تطلقني في رحابِ الفضاء سأكون لواءكَ
و إن قدرَ لكَ أن تستعمرني
سأقاوم و أفنى كل قلاع الشموخ في نفسك و حصون الكبرياء
فأتركني أعتزُ بأنني أمَلكُ فيكَ قلب ملاكٍ من الأشواق
#سوزان_البربري
شاركه

عن احمدعبدالكريم

عالم العلم والمعرفة
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

disqus

disqus